مؤسسو عمالقة التكنولوجيا يطلقون شركاتهم ويتخلون عنها
جفرا نيوز - من خلال مغادرته هذا الأسبوع رئاسة "تويتر"، انضم جاك دورسي إلى قائمة طويلة لمؤسسي مجموعات تكنولوجيا أميركية عملاقة في القطاع الرقمي تخلوا عن إدارة شركاتهم لينقلوا دفة القيادة إلى مديرين جدد يتمتعون غالباً بخبرة أطول.
فمن بيل غيتس (مايكروسوفت) إلى جيف بيزوس (أمازون) مروراً بسيرغي برين ولاري بايج (غوغل)، جميعهم مستثمرون تركوا مهام القيادة لشركاتهم بعد إدارتها لسنوات عدة.
وبعد إصابته بسرطان البنكرياس، أكد ستيف جوبز استقالته من منصبه مديراً عاماً لمجموعة "أبل" في أغسطس (آب) 2011، قبل بضعة أسابيع من وفاته، واختار تيم كوك لخلافته.
وقال المحلل المستقل روب إندرله، "عندما تكبر شركة ما، تشهد تحولات هائلة وتنتقل من مجرد شركة صغيرة يعرف الجميع فيها بعضهم البعض إلى مجموعة كبيرة لا تعرفون فيها أحداً".
وأضاف، "ينتقل الوضع من عمل ميداني إلى مهام تتركز خصوصاً على الجانب الإداري والسياسة الداخلية"، موضحاً أن أصحاب الشخصيات الخلاقة والمواهب الإبداعية وروح القيادة يميلون إلى فقدان حماستهم مع تعاظم حجم المجموعة ومأسستها.
مشاريع أخرى
وما يعزز هذا المنحى انخراط المؤسسين في أحيان كثيرة بمشاريع أخرى، إذ يكرس بيل غيتس جل وقته منذ زمن بعيد لمؤسسته الخيرية التي أنشأها مع زوجته السابقة، فيما جيف بيزوس منخرط بقوة في شركته "بلو أوريجن" لاستكشاف الفضاء. أما جاك دورسي فيظهر منذ زمن بعيد اهتماماً بالـ"بيتكوين" والعملات الافتراضية عموماً.
لكن تخليه عن منصب المدير العام لا يعني بالضرورة ابتعاداً كاملاً عن "تويتر"، فبعض رؤساء الشركات من أمثال لاري بايج وسيرغي برين وجيف بيزوس يحتفظون على سبيل المثال بموقع لهم في مجالس إدارة شركاتهم، ولهم تالياً كلمة في التوجهات الاستراتيجية الكبرى.
وهذا من دون احتساب الحصص التي قد يكون رؤساء الشركات السابقون احتفظوا بها في المؤسسات التي أنشؤوها وفي محفظة أصولها. فثروة جيف بيزوس الضخمة تتشكل بنسبة 10 في المئة من أسهم متداولة يملكها في "أمازون"، أي ما يقرب من 180 مليار دولار.
كفاءة تنطوي على مخاطرة
ومن التبريرات المقدمة في أحيان كثيرة لتفسير الانسحاب، الحاجة إلى نقل المسؤولية لمديرين مخضرمين أكثر ومؤهلين بصورة أكبر لتولي المهام اليومية للمجموعات البالغة قيمتها عشرات أو مئات أو حتى آلاف مليارات الدولارات في البورصة.
"فيسبوك" تغير بوصلة التوجيه الإعلاني
وينعكس هذا المنحى في المؤهلات الشخصية للأشخاص الذين اختيروا لخلافة المؤسسين المستقيلين، إذ إن أكثرية رؤساء الشركات الجدد أمضوا سنوات طويلة في التقدم داخل شركاتهم، من بينهم ساتيا ناديلا لدى "مايكروسوفت" أو سوندار بيشاي لدى "ألفابت" (المجموعة الأم لـ"غوغل")، وأندي جاسي لدى "أمازون" وباراغ أغراوال لدى "تويتر".
لكن تعيين أخصائيين في الإدارة، أياً كانت درجة كفاءتهم، ليس خالياً من المخاطرة، لأن الشركة قد تفقد طابعها الابتكاري، وفق إندرله. وأوضح المحلل أن "المؤسس يتصرف في كثير من الأحيان خلافاً لرغبة أعضاء مجلس الإدارة الذين لديهم دوافع مالية، لأنه يريد حماية شركته".
وتكمن المخاطرة في أن تصبح الشركة "بالية لأن المديرين المقبلين يركزون على أرباح مالية على المدى القصير بدل الصمود الاستراتيجي على المدى الطويل".
مارك زاكربرغ الاستثناء
مع ذلك، لم يأفل نجم أي من شركات التكنولوجيا العملاقة بعد مغادرة مؤسسيها، إذ حافظ نموها على وتيرته أو حتى تسارع.
لكن مارك زاكربرغ، وهو الرئيس المؤسس لـ"فيسبوك"، التي تغير اسمها إلى "ميتا" في أكتوبر (تشرين الأول)، يشكل استثناءً في هذا المشهد، إذ إنه متمسك بمنصب المدير العام للمجموعة العملاقة منذ تأسيسها سنة 2004.
وعلى الرغم من تأدية مديرة العمليات شيريل ساندبرغ دوراً كبيراً في السنوات الأخيرة، يبقى زاكربرغ وجه وصوت الشبكة الاجتماعية الرائدة عالمياً.
ويثير إحكام زاكربرغ قبضته تساؤلات وانتقادات كثيرة، خصوصاً في ظل مواجهة "فيسبوك" إحدى أسوأ الأزمات في تاريخها خلال الأسابيع الأخيرة.
وقال إندرله، إن زاكربرغ "لم يتعلم يوماً حقاً كيف يكون مديراً عاماً واقترف أخطاءً جسيمة عرّضت فيسبوك لخطر كبير"، معتبراً أن أي مدير مخضرم أكثر كان ليتصرف بصورة مغايرة.