دور الأحزاب السياسية في الإصلاح السياسي

جفرا نيوز -  الدكتور رافع شفيق البطاينة

بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية بدأت الأحزاب السياسية تتفائل وتضغط باتجاه تخصيص كوتا حزبية لها في قانون الإنتخاب المنوي إصداره من اللجنة الملكية تحت ذريعة ومبررات وأسباب موجبة سمها ما شئت كمحفز للمواطنين على الإقبال والإنخراط والإنضمام للأحزاب بهدف إنجاح الأحزاب للوصول للحكومات البرلمانية الحزبية التي تخرج من رحم مجلس النواب لتشكل حكومات برلمانية حزبية وفق برامج حزبية لها رؤى لحل القضايا الوطنية المختلفة كالبطالة والفقر والوضع الاقتصادي والإجتماعي وغيرها من القضايا العامة

لكن هذه التصورات والطروحات غير موضوعية ومنطقية ومخالفة للدستور الأردني وكافة المواثيق الدولية لحقوق الإنسان السياسية ، لأن الأصل أن المشاركة في الانتخابات سواء كناخب أو مرشح هي متاحة للجميع ممن تنطبق عليه شروط الإنتخاب والترشح للبرلمان، فالكوتات وجدت كتمييز إيجابي للاقليات المجتمعية والمرأة لفترة مؤقته لتشجيع وتحفيز الناس على انتخابهم بهدف تمثيل هذه الاقليات في البرلمان، حتى تثبت وجودها وكفائتها، والأحزاب السياسية ليست أقلية إجتماعية، وإنما هي منظومة سياسية تشكلت بموجب قانون ينظم عملها ويحدد العدد الأدنى لقبول ترخيصها لكن الحد الأعلى لعدد أعضائها يبقى مفتوحا ليس له سقف، فتستطيع أن تستقطب عشرات لا بل مئات الآلاف من المواطنين كأعضاء ومؤازرين وبالتالي النجاح بأكبر عدد ممكن من النواب يمكنها من تشكيل حكومة حزبية برلمانية كما حدث في عام 1956 عندما تشكلت حكومة سليمان النابلسي لحصول الحزب الاشتراكي على أغلبية مقاعد البرلمان دون وجود كوتا حزبية للأحزاب آنذاك، إلا أن الحزب إستطاع إقناع الشارع ببرنامجه السياسي، أما الحديث عن إيجاد كوتا حزبية في ظل وجود ما يزيد عن خمسون حزبا مرخصا والعديد من الأحزاب قيد الترخيص لا يزيد عدد جميع منتسبيها عن 35 الف عضو فهذا لا يقبله عقل ولا منطق ولا أي تشريع محلي أو دولي، فالأحزاب وبعد مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود أي ثلاثون عاما ما زالت مكانك سر غير قادرة على إقناع الناس على الإنخراط بالأحزاب، مع العلم أن فشل الحياة الحزبية في الأردن يعود إلى أسباب متعددة، منها حكومي ومنها إجتماعي ومنها بسبب الإدارات والقيادات الحزبية نفسها، فمعظم الأحزاب لم تكلف خاطرها وتطلع عن جهدها نحو تسويق نفسها والعمل على استقطاب الأعضاء والكفاءات الإجتماعية والسياسية والثقافية والشباب وخصوصا من المتقاعدين أو من العاملين في القطاع الخاص الذين لا تتأثر وظائفهم في العمل الحزبي، علاوة على الإرث والتاريخ السلبي الذي خلفته سلوكيات بعض الأحزاب خلال مئوية الدولة الأردنية الأولى، بالإضافة كذلك العامل العشائري لدى الناس، فالناخب يقدم إبن عشيرته على مرشح آخر سواء كان حزبي أو مستقل مهما كانت كفاءته وقدراته السياسية والعلمية لتقديم أداء مهني واحترافي في مجلس النواب، لذلك على اللجنة أن تكون حذرة جدا في التعامل مع قانون الإنتخاب وبالأخص في موضوع كوتا الأحزاب، لأن الأردنيين متفقين جميعا على ضرورة إلغاء الكوتات المعمول بها حاليا والتوجه نحو المواطنة الأردنية، فجميع الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات، وجميعنا أردنيين بغض النظر عن الأصل والفصل والطائفة والجنس والدين، كلنا يعلم أن معالي النائب بسام حدادين كان ينجح بأصوات المسلمين في الزرقاء، وكذلك النائب السابق راجي نور حداد في محافظة إربد عن دائرة بني عبيد، وسابقا نجح النائب عيسى مدانات عن إحدى دوائر الضفة الغربية، وكثير من النواب من نجح في غير مكان إقامته أو مكان إقامة عشيرته، والأمثلة على ذلك كثيرة وعلى سبيل المثال لا الحصر، النائب محمد نوح القضاة، ومعالي النائب عبد الله العكايلة ، ومعالي الدكتور ممدوح العبادي، والمرحوم النائب حازم المجالي، والنائب الحالي ينال فريحات وغيرهم كثر، وعليه فإن إتكال أو إعتماد الأحزاب على الكوتا لكي تنجح فهذا نوع من الكسل أو الفشل السياسي، لأن إيجاد كوتا حزبية سيزيد عدد الأحزاب إلى المئات ولن يقلصها وبالتالي فشلها بالقضاء على نفسها بما يسمى بالانتحار السياسي، حمى الله الأردن وقيادته الحكيمة وشعبه الوفي من كل مكروه.