وطني حتى نخاع العظم

جفرا نيوز - كتب حمادة فراعنة 

في عام 1923،تشكلت أول لجنة من احرار الأردن الوطنيين، لوضع مسودة دستور، وقانون انتخاب نيابي مناسب، وقد تم التوصل بالفعل إلى وضع أول مشروع لقانون وطني أردني للانتخابات النيابية مبنياً على أساس الانتخابات على مرحلتين، بحيث يكون لكل 8000 آلاف مواطن نائب واحد، دون النظر الى أي اعتبار آخر يمس مبدأ المساواة بين المواطنين.

هذا القانون والمبدأ الذي بُني عليه، لم يعجب سلطة الاحتلال "الانتداب" البريطاني، فأوقفت تنفيذه بعد أن تم إعداد القوائم الإنتخابية في كل دائرة من الدوائر الثلاث في حينه، وبررت وقف التنفيذ أنه لا بد أولاً توقيع المعاهدة بين بريطانيا والاردن. 
سلطة الانتداب البريطانية، استغلت الفرصة، وقامت بإعداد قانون انتخابات هزيل يقوم على مبدأ المحاصصة (مسلم، مسيحي، بدوي، شركسي، حضري) وعملت على إجراء اول انتخابات في الأردن الحديث وفقا لهذا القانون الاعوج، ولكن معان رفضت هذا القانون، فتم ضم مقعدها الى الطفيلة، وعمان أيضاً رفضت هذا القانون، فتم تأجيل الانتخابات فيها لمدة 3 أشهر تمكن الانجليز خلالها من اقناع البعض بالمشاركة فكانت الانتخابات هزيلة.

اليوم ونحن نحتفل بمرور المئوية الأولى، شكل رأس الدولة جلالة الملك لجنة لصياغة قوانين جديدة، ومع ذلك نلحظ أن أثر فكر الانتداب مازال تاركاً بصماته في عقول واذهان بعض الديناصورات التي توقف ذهنها عند لحظة من الزمن ولم تتمكن من مغادرة تلك الفترة، ولا زال البعض يحمل الإرث الموروث القائم على التفرقة بين الأردنيين مرة بحجة الجغرافيا، ومرة بحجة الأقاليم التنموية، وغيرها من الحجج التي تعزز الفرقة، وعدم العدالة، وانعدام المساواة بين المواطنين الأردنيين.

الكثير من الأردنيين يتطلع نحو المستقبل، ان يرتقي بلدنا وشعبنا الى مصاف الدول المتقدمة، وهذا هو الرهان على نتاج عمل اللجنة الملكية لصياغة المنظومة السياسية، وهدفها، ولهذا تم تشكيلها من الذوات الاردنية المختلفة. 

ما لم يتم إقرار القوانين الكفيلة بمنح المواطنين الأردنيين حقوقا متساوية في اختيار من يمثلهم في البرلمان،  ومنح النواب ثقلا متساويا  فيما يتعلق بعدد من يمثلون من المواطنين،  سنبقى سائرين على خطى الانتداب البريطاني منفذين لسياساته المبنية على مبدأ "فرق تسد" ولن يكون هناك إصلاح، لا سياسي ولا غيره، ولن ينفعنا الاستيقاظ من سبات الماضي وقت الظهيرة لان الطيور تكون قد طارت بارزاقها، وبالتأكيد لن ينفعنا العليق وقت الغارة.

هذه الخلاصة الحكيمة التي وصل إليها المواطن زهدي جنبيك، الشركسي الأصيل، والضابط المتقاعد من جهاز الأمن العام "بعد خدمة 34 عاماً" ، معبراً عن روح المسؤولية، وتجاوز الذات الضيقة، والمصالح الجهوية التقسيمية المؤذية، يرتقي بفهمه ودعوته ورفعة عرضه إلى مستوى المواطنة الحقة، مواطنة المساواة بين الأردنيين بدون تفرقة جهوية، أو طائفية، أو دينية، أو قومية، بل مساواة أساسها الدستور.