أبو جابر والدعجة والعنوز رسالة الأردن لفلسطين

جفرا نيوز- كتب حمادة فراعنة


بعد أكثر من ربع قرن على توقيع معاهدة السلام الأردنية مع حكومة المستعمرة الإسرائيلية عام 1994، بهدف شيوع الأمن والسلام، وعلى أمل تراجع المشروع التوسعي الإسرائيلي، عن أهدافه التوسعية، واطماعه الاستعمارية، لعل مشروعه يتحول من حالة عداء وعدو إلى حالة استقرار وشراكة وطمأنينة، والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، من الجولان السوري، والضفة الفلسطينية وقطاع غزة والقدس، تسهيلاً ومقدمة لإقامة دولة فلسطينية على 22 بالمائة فقط من أراضي فلسطين، ذلك كان الهدف، والنوايا الحسنة، ووافق قطاع من الأردنيين على مضض طالما أن الدولة اختارت هذا الطريق الممهور بموافقة مجلس النواب أنذاك بواقع 54 صوتاً من 80 كامل عدد أعضاء مجلس النواب الاردني.
التطورات الحسية الملموسة، صارت بعكس ما هو مطلوب، وما هو مأمول، وما هو متفق عليه فلسطينياً في إعلان المبادئ الفلسطيني الإسرائيلي، إتفاق أوسلو الذي تم توقيعه على ارض ساحة الورود في البيت الأبيض الاميركي يوم 13/9/1993، تأكيداً على ضمانة الولايات المتحدة على هذا الاتفاق وتنفيذه على الأرض.
استفزازات المستعمرة وجيشها وأجهزتها، وتطرف مستوطنيها، والتوسع الاستيطاني، والعمل على اسرلة وعبرنة وتهويد القدس، والتطاول اليومي على حرمة المسجد الأقصى وقدسيته جعل دوافع الأردني قوية متحمسة تعبيراً عن روح الأردنيين ووطنيتهم وقوميتهم وإسلامهم ومسيحيتهم ودرزيتهم لأن يكونوا مع فلسطين، ضد الاحتلال بوضوح وصلابة وعزيمة واستعداد للتضحية.
عبدالله أبو جابر ابن البقعة الذي دخل فلسطين عبر تصريح زيارة رسمية، التحق بحركة فتح داخل فلسطين، ونفذ عمليته الفدائية البطولية في تل أبيب، وقضى أكثر من عشرين عاماً في سجون الاحتلال بعد أن تم القبض عليه.
الذي لم يزر خيمة الإستقبال للمناضل عبدالله أبو جابر في البقعة لا يدرك نوعية ورقي الإستقبال الذي جرى له طوال الأسبوع، احتفاء بالمناضل الذي يستحق بما يليق به.
عبدالله ابوجابر دخل فلسطين ليعود بأربعة وأربعين عاماً، مثقلاً بمتاعب سجون الاحتلال، وهموم عائلة كريمة محدودة الإمكانية والدخل، يتطلع لأن يتأهل ويتزوج وينشيء عائلته مثل كل الشباب الرجال.
الدولة لم تتركه بلا وثائق، فتدخلت الحكومة وعملت اللازم الرسمي ليعود إلى عائلته في مخيم البقعة معززاً مكرماً كما هو مطلوب.
لم تكن تجربة عبدالله ابو جابر فريدة، فها هو مصعب الدعجة وخليفة العنوز، قد اختارا الطريق نفسه، ودخلا فلسطين بدون تصريح، بدون إذن عبور، إلى ان تم كشفهما، وإلقاء القبض عليهما كعناوين لخيارهما الكفاحي معبرين عن ضمير الأردنيين وعشائرهم وعائلاتهم في الانحياز لفلسطين.
وكذلك لم تتخلى الدولة الاردنية عن خيار مواطنيها وتدخلت الخارجية، وأعادت مصعب الدعجة وخليفة العنوز بعد أن اخفقا في تنفيذ خيارهما الكفاحي ولكن هذه النتيجة ليست نهاية الرحلة، واقفال الباب، بل ستبقى تطلعات الأردنيين لأن يكونوا سنداً ورافعة وعنواناً لطموح الفلسطينيين نحو حريتهم واستقلالهم وعودة اللاجئين المشردين إلى وطنهم فلسطين.
الأردن مع فلسطين كان وسيبقى، لن يتراجع، لن يهاب، وكلاهما سينتصر.