علاقة الهبة بالنكبة

جفرا نيوز- كتب عمر حلمي الغول

جاء إحياء ذكرى النكبة الثالثة والسبعون هذا العام باكرا حين حاولت حكومة التطهير العرقي الإسرائيلية فرض أجندتها الإستعمارية في القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين عموما وحي الشيخ جراح خصوصا مع بداية شهر رمضان المبارك (13 ابريل 2021)، والذي وصل الذروة في الثامن والعشرين من الشهر الفضيل، الموافق الحادي عشر من مايو الحالي عندما دعا قطاع الطرق العنصريون من جماعة الفاشي بن غفير وسموتيريتش لإقتحام المسجد الأقصى والسيطرة عليه، وطرد العائلات ال28 الفلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح، الذين تكالبت عليهم ثلاثة قوى لتحقيق الهدف، وهي الحكومة بزعامة نتنياهو واجهزته الشرطية والأمنية والقضاء الإسرائيلي بالإضافة لعصابة "لهافا" الفاشية، مرورا بالصراع بين ابطال العاصمة والمستوطنين في ساحة باب العامود.

وزادت الهبة اشتعالا مع إشتداد الرياح على الجبهة الجنوبية، التي زجت بنيرانها المتحركة مساء الثلاثاء الماضي، مع دخول جبهة قطاع غزة على خط المواجهة، والذي تلازم مع التحاق ابناء الشعب في الجليل والمثلث والنقب والمدن المختلطة في أتون المواجهة والهبة الأربعاء الماضي، فباتت فلسطين التاريخية من بحرها إلى نهرها كتلة لهب مشتعلة، ونتاج الاستهداف المباشرمن قبل مجرمي الحرب الصهاينة سقط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من الفلسطينيين، ومازالت هبة القدس العظيمة بعواملها ومعطياتها المتفجرة تقيد النيران، فأعادت إحياء النكبة ال73 كما لم تحييها من قبل، وأكدت للقاصي والداني، ورغم اهداف وخلفيات نتنياهو وأضرابه، وحسابات واجندات بعض القوى السياسية، أن فلسطين وشعبها الواحد الموحد كانت وستبقى الرقم الصعب في معادلة الصراع التاريخي مع العدو الصهيوني، ولا يمكن لكائن من كان القفز عنه، وأكدت أن عمليات التطهير العرقي والضم للعاصمة الفلسطينية سقطت سقوطا مدويا، وكرست وحدة العاصمة البطلة تحت راية وعلم الشعب الفلسطيني دون سواه، ولن تكون يوما إلا عاصمة لفلسطين وشعبها العملاق، وكل إجراءات ومخططات دولة العدو الصهيونية أحرقتها شعلة الهبة العظيمة. وردت بشكل واضح وعميق على القوى التي حاولت تقزيم اهداف وثوابت الشعب العربي الفلسطيني في حدود إمارة كرتونية، ووجهت صفعات قوية لهم حتى لو تمكنوا للحظة في فورة الانفعالات العاطفية من تضليل الجماهير. وقلبت حساب المعادلات السياسية الصغيرة رأسا على عقب،  وخاب رجاء قوى الأعداء والثورة المضادة.

وإعتقد ان إفتراض تنياهو وحلفائه المعروفين والمستترين، انهم كسبوا الجولة، انما هو اعتقاد وهمي وساذج، ولن يمر مشروع التهويد والتطهير والضم وتمزيق وحدة الشعب العربي الفلسطيني، وهذا ما اكده الشعب وقواه ونخبه الحية في كل التجمعات الفلسطينية بشعاراتهم السياسية وبتلاحمهم وفرادة ديالكتيك العلاقة الناظمة لوحدتهم، وإعلانهم للدنيا باسرها، انهم على قلب رجل واحد، وان لا دولة في غزة، ولا دولة بدون غزة، ولن تمر الأسرلة، وسيداس الجبناء والعملاء حلفاء نتنياهو وبن غفير وسموتيريتش وبينت اينما كانوا باحذية ابطال ورواد الوطنية الفلسطينية، حتى لو تمكن زعيم الليكود الفاسد من تشكيل حكومة مؤقتا.

هذا واكدت هبة مايو 2021 ان الدولة المزورة والمركبة بقطع فسيفسائية من مختطفي الديانة اليهودية الصهاينة، باتت ديمومتها محل شك لدى قاطنيها من مرتزقة المشروع الكولونيالي الصهيوني، وما تشهده الساحة الإسرائيلية من إحتدام التناقضات التناحرية وتفجرها تشي بذلك، حيث كشفت ظهر الدولة، كدولة هشة وعاجزةوفاقدة الأهلية، حتى لو بدت لبعض المتساوقين معها، وداعميها عكس الواقع.  

كما ان ذكرى النكبة المتلاحمة مع هبة زهرة المدائن أكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان العلاقة الجدلية بين الوطنية الفلسطينية والقومية العربية أعمق من ان تهزها الأنظمة الفاسدة والغارقة في مستنقع التطبيع المذل والإستسلامي. ولعل المظاهرات والإعتصامات في مختلف العواصم العربية، ومواقفهم الشجاعة والنبيلة على مواقع التواصل الاجتماعي أعادت للواجهة مجددا روح التكافل والتعاضد القومية، وحملت في طياتها بارقة أمل في إحداث عملية تحول دراماتيكية في المستقبل غير البعيد في المشهد العربي، وردا على فساد وانهيار مؤسسة النظام الرسمي العربي.

وفرضت هبة القدس الشجاعة القضية الفلسطينية على رأس جدول اعمال العالم واقطابه المركزيين رغما عنهم، وأكدت لهم، ان كل معادلاتهم السياسية، ومراهناتهم على تراجع وإنكفاء أو إستسلام الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية أمام طاغوت الإستعمار الإسرائيلي الفاشي، انما هو رهان خاسر. وما لم يحصل الشعب الفلسطيني على الحد الأدنى من حقوقه الوطنية لن يكون هنا…