متقاعدو الأمن والعسكر.. جنرالات التنظير السياسي والإعلامي
السبت-2014-08-11 04:01 pm

جفرا نيوز -
جفرا نيوز- خاص
يمضي الجنرال – أي جنرال مسيرة عسكرية وأمنية محترفة ومنضبطة، إلى أن ينتقل الى معسكر التقاعد فينقلب حاله، تصيبه حال من حُمى إنحسار الأضواء والشعبية، فلا يعود أحد يتذكره، فيقرر من تلقاء نفسه إشغال نفسه بالسياسة، إذ أصبحت وظيفة السياسة هي الأكثر رواجا لأنها لا تتطلب رأسمال، ولا إلى ترخيص، فيتحول الجنرال المتقاعد بين ليلة وضحاها من ضابط كل همه صون الأمن الوطني بصرف النظر عن الطريقة، الى مُنظّر سياسي يصبح كل همه صفوف المقدمة والشهرة، بصرف النظر عن الطريقة أيضا.
تتساءل أوساط أردنية: كيف لضابط أمني أشغل نفسه لعقود بتثبيت دعائم الأمن الوطني أن يتحول فور خروجه من الخدمة الى مُعارض، وإعلامي، وحراكي، وناشط سياسي، ومُنظّر في شؤون البلاد والعباد. من أين جاء هذا المتقاعد بكل هذه الخبرات العصية على التبرير؟.
تتساءل الأوساط الأردنية الغاضبة أيضا: بالأمس حينما كان كادرا أمنيا وعسكريا كانت الدولة لا تُخطئ أبدا، ومن يعارضها جاسوس ومندس برأيه، بل ويستحق كل أنواع الرجم، واليوم حينما صار خارج نطاق الخدمة الدولة تصبح في نظره مثل خبز الشعير مأكولة مذمومة، وكل من يعمل في سلطتها هو عدو للشعب، ومتآمر ومنتقع ومرتزق.
هذا وضع شاذ، وينطبق بذات القدر على رجال الساسة. ففي بلادنا طالما أن السياسي في بيته فإن "البلد خربانه"، وحينما تعود إليه السلطة تصبح البلد "تمام يا مولاي"، وحينما يفقد السلطة تعود البلد لتخرب من جديد، ففي نظره القاصر فان "البلد واقعة" طالما هو خارج الخدمة.
معيب وشائن ما يحصل، علينا أن نتكاتف جميعا في ظل ما يحصل في الجوار الأردني، فلنكن جميعا جسرا يعبر عليه الأردن إلى قوته ومنعته ومستقبله، ولا يجدر بنا أن نجعل الأردن جسرا الى مكاسب ومنافع ذاتية صغيرة. في الأمس القريب وصل عدد الحراكات الشعبية إلى ما ينوف عن المائة، وسألنا وقتذاك إذا كان هدفكم الإصلاح السياسي والإقتصادي بما تتضمنه هذه الإصلاحات من تداول للسلطة التنفيذية، ومكافحة جادة للفساد، فلماذا تتشظون الى عشرات الحراكات، لقد كان الجواب بسيطا وهو أن كل مُعارض يريد أن "يَشيخ" على حراكه، ويريد أن يوزع مناصب هذا الحراك على معارفه وأصدقائه.
لنأخذ من العدو العبر. ففي إسرائيل لا يتردد رئيس وزراء سابق من تلبية دعوة خلف له ليكون وزيرا في حكومته. ولا يتردد جنرال كبير في المؤسسة العسكرية والأمنية من أن يضع كل خبرته العسكرية والأمنية في خدمة صحيفة ليعلق فيها على الحدث السياسي والعسكري.

