النسخة الكاملة

حبيب الزيودي لرحيلك اكثر من معنى ...

الإثنين-2014-07-20
جفرا نيوز - جفرا نيوز - فارس الحباشنة
قبل عامين ، و في العالوك أفطرنا في حضرة الشاعر الكبير الراحل حبيب الزيودي ، في مثل هذه الايام ... و الله أعلم ، حضر الافطار ..معالي سالم الخزاعلة و الصديق الزميل علاء الزيود و الصديق محمد الزعبي منتج فني و الدكتور أبراهيم القيام باحث وناقد أدبي .


تحدث حبيب الزيودي ليلتها باسهاب و أطناب عن أسرار تجربته الابداعية ، كان شديد المباشرة ، وهو يبوح عن معاناة و أزمة المثقف الاردني ، كيف يتأمر أهل السلطة على الابداع و المبدعين ، و يقتلون روح المغامرة و المثابرة على صناعة الثقافة .


لم أكن يومها قادرا على سجال حبيب الزيودي في مسألة الثقافة الاردنية ، ربما كان اللقاء الاول من نوعه ، اهتممت كثيرا بالسماع الى كل ما يقول و يبوح و يعترف ، لارى أي نوع من الالم و الحسرة و عذابات قلق الابداع تسكن وجدانه .


خلال الجلسة " اللقاء " ، استمعت فعلا لامور كثيرة تهم أي مثقف أو متهم أردني بشؤون السياسة و الثقافة ، وربما أني بحكم عملي الصحفي كنت شغوفا أكثر للاستماع عن أراء و أفكار شاعر عملاق بحجم حبيب الزيودي يتحدث عن الوطن بوجع بحت .


أذكر أنني ، أستطلعت ذاكرته بسؤال عن ولادة القصيدة كيف و متى ؟ الامر كان بمثابة الصدمة ، عندما طالعت بام عيني كيف تحضر القصيدة " الولادة المخضة " في الذاكرة و حبر تأسيسها على الورق ، الولادة الحية للقصيدة ، و ما اجمل أن يعيد حبيب الزيودي بصوته ترتيل قصيدته ، أنه "جن الشعراء " كما قال نقاد العرب قديما .


لم تنته الجلسة " اللقاء " دون نقاش سياسي يشرح احوال البلاد و أزمتها التي اعتقد لم يطريء عليها أي تغيير أو تبديل ، رغم مرور حوالي عاميين على ذلك اللقاء ، فهم ذاتهم أهل السلطة الذين تعرصنا اليهم متمترسين في دواليك السلطة ، روى لنا حبيب الزيودي قصة تخريجه من الجامعة الاردنية في عهد خالد الكركي ، ورى كيف تأمروا عليه في وزارة الثقافة في عهد صلاح جرار و امانة عمان الكبرى .


وكان يردد بقسوة كيف لي أن أبرر جرائم أنصاف المثقفين الذين شوهوا السياسة و الثقافة الاردنية ، ولكن حرقته الاكبر ، في أنه لم يتصور كيف يتأمر نصف مثقف على مثقف ، لم يكن يتصور أن مفاسد السلطة يمكن أن توصل لاعبيها الى هكذا" مواصيل " .


لم يتعب حبيب الزيودي من مواجهتهم و تعريتهم ومقاومتهم بالكلمة و النص ، لم توقفه كل تلك المؤمرات عن تحفزه للكتابة ، صار أكثر سخطا و عنفا في الكتابة ، كان قاسيا في سخريته من كل شيء ، السلطة و المعارضة الثقافة و المثقفين و الاعلاميين و من كل الاختلالات الظاهرة و الباطنة من حولنا ... ومن نفسه في بعض الاحيان .

كان قاسيا على القهر و الظلم و الاستبداد ، كان خائفا و متوجسا من مؤامرة ضد الهوية الاردنية ، وخائفا من قهر الاغنياء للفقراء البسطاء و المساكين ... رحل حبيب الزيودي بعد تلك الجلسة بشهريين تقريبا ، شاعر عملاق عاش حياته ببساطة و محبة الاخرين حت لحظاته الاخيرة ، رحل بهدوء و صمت مطلق ، غادرنا دون ضجيج كما كانت حياته ، عاش و مات مختلف و متميز في كل شيء .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير