النسخة الكاملة

لماذا يا نور الشريف ؟

السبت-2013-08-16
جفرا نيوز -

جفرا نيوز - فارس الحباشنة

ثورتان شعبيتان هزتا عروش مصر ، ولم يعرف نجم الدراما و السينما المصرية نور الشريف كيف يرتقي بشخصيته الى منزلة "الفنان الفليسوف" كما حصل مع عادل أمام ومحمود عبد العزيز و خالد يوسف و يسرا وغيرهم.



ما يحدث مع نور الشريف اليوم ليس من باب أزمة الفن في مصر ، لكنه مصير شخصية فنان خفيف " ليس له ظل في الواقع من حوله . نور الشريف يعيش اليوم نهاياته ، الفنان القوي و الخاطف هارب اليوم من مصر ليعتاش على "كمشة دولارات " تسخرها مؤسسات للانتاج الفني ، حولت الفنانين العرب الى "أروجزات " متحركة بين الاحتفالات الخيرية و الاجتماعية و الدعوات الاعلامية الهشة و التافهة ، و ليتحولوا الى ضيوف خفاف على فضائيات هامشية وردئية .



صورة نور الشريف الفنان العملاق وخبراته الفنية الثقيلة ، تكسرت و أنهارت في منظور جميع معجبيه عندما أطل اليوم الجمعة عليهم من خلال برنامج ترفيهي منوع يبث على قناة رؤيا الاردنية ، صورة أفقدته كل هيبته ووقاره الابداعي و الفني المسؤول و المتلزم ، في لحظة يحتشد بها قوام نخب ومجموعات الفن و الثقافة في مصر خلف ثورة المصريين الثانية ليصدوا قوى التكفير و الشر و الظلام و الظلم و الارهاب الديني .


لم تعجبني كما غيري ، الاطلالة الاعلامية لنور الشريف اليوم ، رأيتها أكثر قسوة و نكران للفنان المصري الذي جاهد و ناضل بالسياسة و الابداع ليكون فاعلا عضويا في ثورات مصر الاصلاحية ، وليكون شريكا في صناعة مصر جديدة ، و ليكون عنصرا مؤثرا في حماية وجدان المصريين الرافض للظلامية و التكفيرية الدينية السياسية .


لا يليق بنور الشريف أن يكون اليوم خارج مصر ، و لا يليق به هذا الظهور ألاعلامي الذي لم يبوح في أسرار مفاتيح الفن الغامضة في تعرية التطرف و الارهاب الديني ، مصر التي كاد الفن أن يذبل بها و يختفي لولا أرادة الشعب و التاريخ ، مصر كاد الاسلاميون أن يصبوا عقلها بجلطة دماغية ، تنظر اليوم باتساع ودهشة الى مستقبلها ، بعدما أنكشفت مؤامرة تخريبها و أفسادها .


أطلالة أعلامية رثة ومؤلمة لفنان مثقل بالخبرات ، ربما أنها بالفعل لحظة النهايات ، عندما يصاب الفنان بالفشل و العجز تغيب الرؤيا و الدور ، ويمشى وراء السذج الذين يفشرون اليه طريقا أصفر للعبور الى فضائيات الاستهلاك و اللاموقف ، انها طقوس للتدجين لما قبل الموت .



الجميع ، رأي نور الشريف اليوم في المكان الخطأ ، رصدوا رخاوته في الحديث عن مصر العليلة اليوم ، وهروبه من أرض المعركة ، مشاعر نور الشريف الرخوة و المستسلمة بالحديث عن مصر اليوم ، لا تعرف قيمة النضال و لا حتى المسؤولية التاريخية للفنان الملتزم .


نظرت طويلا اليوم الى نور الشريف ، العين مفتوحة على مصرعيها لتقاوم و تحاول رؤية أشياء لم يتسع لي رصدها بسهولة ، ولكن دون جدوى تذكر ، فالشريف أختار أن يكون ضيفا في معركة فضائية خفيفة ليتحدث عن عمل درامي هامشي و سطحي بث على الفضائيات العربية خلال شهر رمضان الكريم .
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير