النسخة الكاملة

الرفاعي..الأب والإبن!

الإثنين-2013-04-14 11:24 am
جفرا نيوز - جفرا نيوز- غابة الأسرار..والذاكرة المعتقة التي تخبئ بين سطورها وسنواتها جمر خمسين عاما من تاريخ الأردن والعرب، سنوات جمال عبد الناصر والمد القومي واليساري، سنوات الكارثة في حرب حزيران والأحلاف

غابة الأسرار..والذاكرة المعتقة التي تخبئ بين سطورها وسنواتها جمر خمسين عاما من تاريخ الأردن والعرب، سنوات جمال عبد الناصر والمد القومي واليساري، سنوات الكارثة في حرب حزيران والأحلاف والانقلابات العربية، وسنوات البطولة في معركة الكرامة وحرب تشرين، سنوات السبعينات اللاهبة والمحرقة والمحترقة، ثم الوحدة مع سوريا والخلاف مع الإخوان المسلمين في منتصف الثمانينات وحرب البيانات السياسية. ونقف قليلا عند الأزمة الاقتصادية، وابتعاده لبرهة من الزمن عن الواجهة السياسية، ثم العودة بقوة لرئاسة مجلس الأعيان كأنه لم يغب أبدا، وأخيرا قرارالاعتزال.

نصف قرن من السياسة، ولعبة الكراسي والمناصب والنفوذ، والإنجارات والإخفاقات، سنوات هادئة تتبعهن سنوات عجاف، وأخرى مضربة تلحق بهن سنوات الهدوء والسكينة(...) يستأذن بعدها باعتزال العمل السياسي والخدمة العامة، بعد نحو شهرعلى تجديد رئاسته للأعيان، وضمن أجواء تسلم ابنه رئاسة الحكومة السابعة في عهد الملك عبد الله الثاني.
منذ الأربعينيات وعائلة الرفاعي حاضرة في المشهد السياسي الأردني والعربي، عبر الجد سمير الرفاعي الذي صبغ سنوات الأربعينيات والخمسينيات بهوية خاصة حيث عاصر ثلاثة ملوك، وصاغ الخطاب الرسمي الأردني في مواجهة منتقدي قرار الوحدة مع الضفة الغربية واغتيال الملك عبدالله في القدس، وإعفاء الملك طلال من الحكم، ومجلس الوصاية على العرش، والسيطرة اليسارية على الشارع الأردني، ومشاريع الوحدة العربية والأحلاف وطرد غلوب باشا.

ثم زيد الرفاعي الأب الذي كان الأقرب إلى الملك الحسين منذ منتصف الستينات، وكاد يدفع حياته في لندن ثمنا لوجوده في بؤرة القرار السياسي الأردني.

طيلة نحو عشرين عاما بدأت معأوائل السبعينات، كانت الناس تقول ذهب زيد وجاء مضر، وغادر مضر وحضر زيد، كان الرئيسان يتناوبان كرسي الرئاسة ضمن ظروف المرحلة ولعبة التوازن الداخلية والخارجية.

حين غادر المسرح بعد انتخابات عام 1989، ظن كثيرون أنه غادر الخشبة نهائيا، لكنه عاد بعدها أقوى من السابق، ليجلس على هرم السلطة التشريعية، ويواصل دوره في لعبة التوازن.

تعيين ابنه سمير الرفاعي رئيسا للوزراء شكل مفاجأة حتى للسياسيين المطلعين على بنية الدولة الأردنية، إذ كان العديد من هؤلاء توقعوا ان يتم تعيين رئيس الديوان الملكي الحالي ناصر اللوزي في هذا المنصب على أن يتولى الرفاعي(الابن) منصب رئيس الديوان الملكي.

فقد رأت الأوساط السياسية أن تعيين زيد الرفاعي رئيسا لمجلس الأعيان يجعل تعيين ابنه على رأس الحكومة شبه مستحيل، معللة الأمر بأن الدستور ينص بوضوح على ضرورة الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وأن مهمة السلطة التشريعية (مجلسي النواب والاعيان) هي مراقبة أداء الحكومة.

الرفاعي ( الابن ) شكل حكومة جديدة من أجل دفع إجراءات الإصلاح الاقتصادي قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أواخر العام القادم، وطلب الملك منه إصدار مواثيق شرف للوزراء وللعاملين في القطاع الحكومي بحيث تكون «هذه الوثيقة المعلنة مرجعية إضافية يعتمدها الأردنيون في الحكم على أداء الفريق الوزاري».

وأمهل الملك الحكومة شهرين لتقديم خطة عمل كل وزارة بعد مناقشتها وتبنيها في مجلس الوزراء، وذلك» لضمان عمل الجميع فريقا واحدا منسجما واضح الرؤية يعرف ما هو متوقع منه، ويعرف شعبنا العزيز الأسس التي يعمل عليها والأهداف الموكل إليه تحقيقها بوضوح وشفافية».

رافضا سياسة الاسترضاء «نحن نريد حكومة تعمل بثقة وشفافية وبروح الفريق لخدمة الصالح العام، من دون تراخ او تباطؤ تحت وطأة الخوف من اتخاذ القرار أو حسابات الشعبية الآنية، أو سياسات الاسترضاء التي أضاعت على وطننا في الماضي الكثير من فرص التميز والتطور والتغيير الإيجابي الذي يمكننا من مواكبة روح العصر ومتطلباته».

وكان الكثير من السياسيين قد انتقدوا حكومة الذهبي واتهموها بسوء الإدارة في مواجهة آثار الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الأردني الذي يعتمد على المساعدات، وكذلك بسبب زيادة الديون العامة إلى مستويات قياسية ويعاني الاقتصاد الأردني من الانكماش بعد عدة سنوات من النمو القوي. وكانت تلك الطفرة مدعومة باستثمارات أجنبية مباشرة قوية بما فيها تحويلات العاملين في دول الخليج العربية.
ويقول سياسيون ان تحركات الملك تشير إلى تغيير أوسع نطاقا لتجنب خيبة أمل شعبية بسبب الانكماش الاقتصادي بعد سنوات من النمو ومزاعم باختلاس مسؤولين.

مسؤولون قالوا إن الحكومة الجديدة يهيمن عليها المحافظون وستتولى مسؤولية التعجيل بالإصلاحات قبل الانتخابات البرلمانية في 2010. ويعول الملك على الرفاعي في كسب التأييد لإصلاحاته الاقتصادية والاجتماعية وكسب ثقة المؤسسة السياسية المحافظة.

ومني الإصلاحيون الليبراليون بخسارة كبيرة منذ استقالة باسم عوض الله رئيس الديوان الملكي السابق من منصبه العام الماضي بعد أن تعرض لانتقادات غير مسبوقة من المحافظين الذين اتهموه باتباع برامج إصلاحات موالية للغرب تتجاهل الحساسيات العشائرية.

ويقول سياسيون ليبراليون إن الملك يريد المضي قدما في الإصلاحات رغم معارضة شديدة من مؤسسة تقليدية تسعى للحفاظ على نظام محاباة واسع النطاق، تأتي الحكومة الجديدة بعد اتخاذ الملك خطوة في الاتجاه الصحيح الشهر الماضي بحل البرلمان في منتصف دورته. واتهم البرلمان بعدم الكفاءة في التعامل مع التشريعات وتعطيل إصلاحات متعلقة بالسوق الحرة ضرورية لحفز اقتصاد البلاد الراكد.

سمير زيد الرفاعي الذي شغل من قبل منصب وزير البلاط الملكي، كلفه الملك مرارا بمهام خاصة في الظل، أداها بصمت لافت، وعمل من قبل في وظائف داخل القصر الملكي في عهد الملك االراحل الحسين بن طلال، وعين في منصب المستشار الخاص للملك، لكنه اعتذر لاحقا عن البقاء في القصر لتولى إدارة أحد فروع شركة «دبي كابيتال العالمية» عام 2005 والتي تقدر أصولها المالية حالياً بحوالي مليار دولار. فيما يترأس الآن منصب رئيس مجلس إدارة بنك الإنماء الصناعي.

وجود الرفاعي (الابن) في بيت سياسي عريق، وفر له خبرة في الحياة السياسية وأسرارها، هذا النمط الكتوم من العمل السايسي ساعده في المواقع المهمة والحساسة التي شغلها في خدمة الملك عبد الله الثاني، إذ بقي كاتم أسرار سنوات طويلة عمل فيها في القصر الملكي، اكتسب الحدة والخبرة والحضور، وامتاز بقدرة دبلوماسية حذرة ودقيقة في نفس الوقت، وشخصية قادرة على إيصال الرسائل الملكية باختصار ودون تفاصيل تاركا مساحة للتوقع.

كان الرفاعي (الأب) أحد القلائل الذين يعدون على إصبع اليد الواحدة الذين صبغوا المرحلة بهويتهم، من بينهم أيضا أحمد اللوزي، ومضر بدران(..) يلتقون في حجم الدور السياسي الذي لعبوه، والأهم في تحولهم إلى بئر بلا قرار لأسرار وتفاصيل نحو خمسين عاما.

اليوم.. يمضي الرفاعي(الابن والحفيد) نحو ثوابت راسخة لا تتغير او تتبدل وهي الانتماء للاردن والولاء للعرش الهاشمي  
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير