النسخة الكاملة

حيدر محمود.. الشاعر المتمرد!

الإثنين-2013-02-25 08:44 am
جفرا نيوز -  

جفرا نيوز -لم يستطع وقار الدبلوماسي والموظف الرسمي الكبير تهميش دور الشاعر المتمرد في داخله ، فظل منتميا لشاعريته التي لم تسرقها ، او تؤثر فيها ، مهمات السفير و الوزير.
حيدر محمود المولود في طيرة حيفا ، بين الكرمل والبحر ، عام 1938 ما زال يرى في عرار انموذجا وقدوة ، وقد تسلح بالعديد من مواصفات ذلك الشاعر المتمرد ، متحينا فرصة ابتعاده المؤقت عن واجهة العمل الرسمي ، ليستعيد علاقته مع الشاعر المتمرد الذي يعشعش في داخله.
سبعة عشر عاما تفصل بين قصيدتي "نشيد الصعاليك" 1989 و "السرايا" 2006 ، وهما قصيدتان دفعتا بشاعرهما الى الزاوية الحرجة ، الا ان حيدر محمود ظل قادرا على القول لاصحاب جوازات السفر الحمراء ، انني لست منكم وان ما اراه في الافق ، غير الذي يراه غيري.
أحب عمان ، وكتب لجدائلها وجبالها قصائده الجميلة ، وهي المدينة التي سعى جاهدا لان تكون مدينته الفاضلة ، وصار شاعرها بلا منازع.
في تونس عندما كان سفيرا ، وفي وزارة الثقافة عندما كان على رأسها ، وفي كل المواقع الادارية التي شغلها ، ظل الشاعر هو الذي يقود خطواته ، حتى في اكثر اللحظات السياسية حرجا ، ولذلك كان طبيعيا ان يذهب بقدميه الى ضريح ابي القاسم الشابي ، ليقدم له اوراق اعتماده كشاعر ، تماما مثما ظل يستحضر عرارا ليقرأ على مسامعه قصيدته الجديدة.
رغم العديد من المناصب الرسمية الرفيعة التي شغلها ابو عمار ، الا ان الحنين ظل يشده لبيته الاول في الاذاعة والتلفزيون ، ولم يكن غريبا ان يطل حيدر محمود بعد سنوات طويلة على جمهوره مذيعا عبر شاشة التلفزيون ، في برنامج الديوان وغيره ، تماما مثلما كان مذيعا متألقا منذ دخل الاذاعة في مطلع الستينيات ومن بعدها التلفزيون.
انهى الثانوية في كلية الحسين ليحصل على بكالوريوس في الاعلام من لندن وماجستير في ادارة الاعمال من كاليفورنيا الاميركية ، قبل ان تمنحه الاكاديمية العالمية للاداب في تايوان الدكتوراه الفخرية.
لا يختلف اثنان على شاعرية ابي عمار ، لكن الرجل يملك خصومات كثيرة في اوساط السياسيين ، ولا يملك حظوظا مؤثرة يراهن عليها بين زملائه في الوسط الادبي ، غير انه يملك من الثقة ما يدفعه للحوار مع كل الاطياف ، ويقدم نفسه شاعرا في كل المحافل والمناسبات .
الذين يعرفون حيدر محمود عن قرب يعرفون ان الرجل يتنفسس شعرا ، وان الوظيفة الرسمية قدمته للجمهور بملامح لا يرتاح لرؤيتها في المرآة ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، من خدم الآخر في شخصية ابي عمار ، الشاعر ام السياسي ، وربما يكون سؤالا افتراضيا ، لكن حيدر محمود يعرف اتجاهات الريح التي تدفع اشرعة سفينته دائما الى الامام.
استحق لقب شاعر عمان او شاعر الاردن ، ورغم ان مثل هذا اللقب قد يثير حفيظة خصومه السياسيين والمثقفين على حد سواء ، الا ان الوثائق الرسمية والتاريخ الثقافي لعمان سيشيران الى ان حيدر محمود هو الذي قاد سفينة الثقافة في الاردن وزيرا ، في العام 2002 وهو العام الذي تم فيه تتويج عمان عاصمة للثقافة العربية.
يملك شبكة من العلاقات الواسعة خارج الاردن ، كانت كفيلة بتقديمه سفيرا للقصيدة الاردنية ، التي ظل فيها وفيا "لخال عمار" الشاعر عرار ، وقد حصل على عدد من الجوائز الثقافية منها جائزة ابن خفاجة الاندلسي الاسبانية ، وجائزة الدولة التقديرية ، ومناصفة جائزة الملك عبدالله الثاني للابداع ، وترجمت قصائده الى لغات عدة ، وبعضها ضمته المناهج الدراسية ، فيما غنى مطربون عرب قصائده ايضا ، ووسام الاستحقاق الثقافي التونسي.
كثير من الاردنيين لا يعرفون حيدر محمود لكنهم يحفظون قصائده عن ظهر قلب ، خاصة تلك القصائد المغناة التي اعلن فيها عشقه لحبيبته عمان ، وفي علاقته مع "سيف الدولة" ظل ابو عمار يتقمص شخصية المتنبي ، وله ولدان وبنتان وضًعفهما من المجموعات الشعرية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير