النسخة الكاملة

رسالة إلى حسان.. حين تصبح المشاريع الوطنية هدفًا للتشكيك لا للنقد

الثلاثاء-2025-12-23 08:23 am
جفرا نيوز -
محمد علي الزعبي 

دولة الدكتور جعفر حسان،
أكتب إليك لا من باب المجاملة، ولا من موقع الترف السياسي، بل من موقع القلق الصادق على فكرة الدولة، وعلى مشاريعها الاقتصادية التي باتت اليوم مكشوفة الظهر أمام موجات تشكيك لا تبحث عن إصلاح بقدر ما تبحث عن هدم.

السؤال الذي يفرض نفسه بقسوة، ألا يكفي هذا الصمت؟ وألا آن الأوان لوضع حدّ لهذا التطاول المنهجي على مشاريعنا الوطنية؟ لقد تجاوز كثيرون كل الخطوط الحمراء.

لم يعد الأمر نقدًا اقتصاديًا، ولا اختلافًا في الرأي، بل تحوّل إلى ضرب متعمّد لثقة الناس بالدولة، وتشكيك بكل مشروع، وتسفيه بكل جهد، وكأن المطلوب أن يبقى الأردن واقفًا في مكانه، بلا استثمار، بلا نمو، وبلا أفق،
المشاريع الاقتصادية التي أُطلقت سواء في مشروع المدينة الجديدة او الناقل الوطني او في البنية التحتية، أو الطاقة، أو النقل، أو الاستثمار، أو الشراكة مع القطاع الخاص ليست مشاريع حكومة عابرة، بل هي امتداد لمسار دولة، وخيارات وطنية فرضتها الضرورة لا الترف، ومع ذلك، يجري التعامل معها وكأنها مؤامرة، أو صفقة غامضة، أو عبء يجب إسقاطه سياسيًا قبل أن يُقيّم اقتصاديًا.

دولة الرئيس،، ما يريده هؤلاء ليس تصويب مسار، بل تعطيل المسار.
يريدون اقتصادًا بلا قرار، واستثمارًا بلا جرأة، ودولة تخشى أن تخطو خطوة إلى الأمام خشية الضجيج، يريدون إدارة أزمة دائمة، لا إدارة تنمية.

نعم، المشاريع الكبرى ليست معصومة عن الخطأ، ونعم، من حق الناس أن تسأل، وأن تحاسب، وأن تطالب بالشفافية ، وعلى الحكومة التوضيح بكل قوتها عن تلك المشاريع .

لكن ما يحدث اليوم ليس سؤالًا بريئًا، بل حملة منظمة لتجفيف أي أمل اقتصادي، وإقناع المواطن أن الفشل قدر، وأن أي مشروع هو فساد محتمل، وأي شراكة هي تنازل.

وهنا تكمن الخطورة، الصمت في هذه اللحظة ليس حيادًا، والاكتفاء بالمجاملات السياسية لم يعد كافيًا،
الدولة مطالَبة اليوم بالدفاع الصريح عن خياراتها الاقتصادية، بلغة يفهمها الناس، وبمواجهة مباشرة مع خطاب الشعبوية الذي يقتات على الإحباط .

دولة الدكتور جعفر حسان، المطلوب ليس تبرير السياسات، بل حمايتها من التشويه، والمطلوب ليس إسكات النقد، بل فضح من يستخدم النقد كغطاء لضرب فكرة الدولة نفسها، الأردن لا يحتمل مزيدًا من التردد، إما أن نمضي في مشاريعنا بثقة ومسؤولية، أو نترك الساحة لمن يريد لنا اقتصادًا هشًا، ودولة خائفة، ومستقبلًا معلقًا،،، والتاريخ كما تعلم لا يرحم المتفرجين.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير