النسخة الكاملة

السنيد يكتب: كبار الشخصيات العامة يفشلون المبادرات الرسمية

السبت-2025-12-13 01:55 pm
جفرا نيوز -
كتب علي السنيد

 يساهم بعض كبار الشخصيات العامة في الاردن في افشال مبادرة وزير الداخلية التي دعا فيها الى تنظيم المناسبات الاجتماعية ، وترك المبالغة في العادات ، والتقاليد التي ارهقت كاهل ملايين الاردنيين .

وهم يصرون فيما يبدو على الابقاء على المظاهر الاجتماعية البراقة لسد حاجة  البعض للظهور الاعلامي.
 
وما يزالون يتصدرون الحراك الاجتماعي، ويقودون الجاهات، ويطلبون يد العروس، ويلتمسون الاجابة بالقبول ، وهم يعرفون مسبقا  ان عقد القران مكتوب، ولا يلقون بالا ، وهم يخربون الوعي العام في الاردن.

وبدلا من دعم حركة التغيير، وانجاح المبادرات التي تهدف الى التخفيف على المجتمع، وإزالة هذه العوائق من طريقه، واعطائه فرصة للافاقة من حالة الانقياد التلقائي للموروث.

فهم يشجعون على المزيد من الاغراق في المظاهر الاجتماعية،  والرزوح تحت وطأة هذه الإجراءات المعقدة في المناسبات الاجتماعية، وهي عبء اجتماعي كبير يعطل حركة الاجيال، ويصعب اجراءات الزواج على الشباب، ويبقي المجتمع  يدور في دوامة تكاليف المناسبات الاجتماعية التي ترهق كاهله، ويمر بها كل بيت اردني. 

وبات الاردني رهينة اعبائه، وهو يئن، ويصرخ طلبا للخلاص، ودعك من البعض الذي ينساق خلف اهوائه الشخصية.

والمثقف يقف الى جانب مجتمعه ، وينحاز للإصلاح والتغيير، ويساعد المجتمع على الخروج من ازماته، ويضيئ طريق الاجيال، وهو لا يعطل عجلة التغيير، ولا يجامل على حساب المصلحة العامة. 

والتغيير يجب ان يطال منظومة العادات والتقاليد في جانبها المعيق للتطور،  وهي تتطلب المراجعة، وعلى النخبة ان تنحاز للإصلاح، وان لا تعرقل الافكار، والمبادرات المستنيرة، والتي تخلص المجتمع من احماله الباهظة.

 ولا يليق ان تتعطل مسيرة التغيير بسبب مصالح بعض النخب في استمرار المظاهر الاجتماعية التي يستمدون منها مكانتهم الاجتماعية.

وعوضا عن ان يزرعوا فكرا مستنيرا في الاجيال فهم يعملون على تكريس السائد الاجتماعي،  وذلك على حساب معاناة الناس، وزيادة الكلف التي تترتب على المناسبات الاجتماعية المستمرة بلا توقف. 

وحتى اصبحت اهم قضايانا على الإطلاق تتمثل في حركة الجاهات من محافظة الى اخرى، وكذلك في اعداد الولائم في مناسبات  الافراح والاتراح، ولو كان ذلك بالدين، ناهيك عن التحرك الى بيوت العزاء والتي اصبحت شاقة على اصحابها.
ورضيت النخب على نفسها ان تقود هذا الاستعراض الاجتماعي، وترسخه في المجتمع.

وكان دخول كبار الشخصيات على خط هذه الجاهات مؤذنا  بكافة اشكال المبالغات التي رافقتها ، وبما يحاكي حاجة البعض للوجاهة والاستعراض امام المجتمع .

وهو ما يلبي  ايضاً هوس السياسيين بالظهور من خلال هذه المناسبات بدلا من طرح القضايا الوطنية الكبرى، واثراء النقاش العام.

وتبقى الولائم التي تجمع علية القوم نوع اخر من الظهور الاجتماعي، وخاصة انها منقولة على الهواء، وكان يمكن توجيه تكاليفها الباهظة لسد حاجة الفقراء ، والمساكين الذين هم أولى بالرعاية ، والاطعام.

ولا شك ان أجيالا من الشباب من الذكور والاناث سيقدمون على الزواج ونحن معنيون بتسهيل الإجراءات لاتاحة المجال لهم لفتح بيوت جديدة ملؤها الفرح، والمودة ، وليس الاغراق في الديون. 

وكذلك فان حادثة الموت مستمرة في كل البيوت ولا يعقل ان تصل كلفة المراسيم اللازمة بتقبل العزاء في كل حالة وفاة إلى عدة الاف من الدنانير، والتي تتضمن اعداد الغداء الخاص بالمشيعين، وحجز الصالات وتقديم الضيافة لالاف المعزين على مدار عدة ايام.

وليس مقبولا ان يلتحق بكل مناسبة اجتماعية هذه المبالغ المالية الكبيرة، وبما يضفي المزيد من التعقيد في حياة الناس ويضعهم تحت طائلة العجز والديون، وكل ذلك مرتبط بمصلحة بعض النخب في الابقاء على هذه العادات والتقاليد التي تحافظ على دورهم الاجتماعي. 

ولا ادري لماذا لا يستحضر هؤلاء السياسيين من عاداتنا وتقاليدنا قيم التكافل التي كانت تقوم عليها القيادات الاجتماعية حيث يرعون الفقراء، وأصحاب الحاجات، ويلبون مطالبهم، ويساعدون المتعثرين في الحياة، ويبذلون أموالهم في سد حاجات المساكين،  و التخفيف عليهم من وطأة الحياة. 

وانا اتمنى على وجهائنا الكرام التنادي في كل المحافطات، والشروع في جهود مخلصة لمراجعة المنظومة الاجتماعية، والتوافق على التغيير الذي  يتوق له  المجتمع  الاردني،  وكي يصبح واقعا معاشاً.

وكان يمكن لمستشارية العشائر ان تنهض بدور كبير من خلال شراكتها مع الوجهاء للتخفيف على الناس، وذلك لو توفرت لديها الرغبة، والرؤية التقدمية، ولكانت قادت التغيير.

وكذلك على وزارة الاوقاف ان تترك اثرا في مجتمعها بتفعيل دور منابر الوعظ والارشاد في هذا الشأن، وذلك يتأتى بتبيان الموقف الشرعي ازاء العديد من الاشكاليات الاجتماعية والعوائق التي تعترض طريق المجتمع.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير