جفرا نيوز -
حمادة فراعنة
لم يعد العالم العربي، الذي يطلقون عليه منطقة «الشرق الأوسط»، وهذه التسمية فرضتها أوروبا والولايات المتحد، بتحريض وتوجه مبكر من قبل قادة الحركة الصهيونية وأتباعهم، لهدف واضح وهو: حتى لا يتم تسميتها بالمنطقة العربية، أو بالعالم العربي، كما نرغب، ونتمنى، ونسعى، والسبب الكامن لاستعمال تعبير «الشرق الأوسط» هو وجود المستعمرة الإسرائيلية، وبالتالي إسقاط الهوية العربية عن اسم ومضمون هذه المنطقة وأن لا تُدعى بـ»العالم العربي» أو «المنطقة العربية».
كيف يمكن القول أو التصور أن المستعمرة تقع في قلب «العالم العربي»؟؟، وكيف يمكن تقسيم العالم العربي، بين شرقه وغربه، وهي تقع تعسفاً في وسطه، وتقسمه، وتمنع الاتصال بينهما؟؟.
ولذلك عمل الأوروبيون والأميركيون، على تغيير الاسم والمحتوى، وأن يقولوا منطقة الشرق الأوسط بلا هوية قومية، بدلاً من العالم العربي، أو المنطقة العربية.
المهم، لم يعد للعالم العربي، ذات الأولوية، وذات الاهتمام للسياسة الأميركية، ومصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية.
في وثيقة استراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025، التي صاغتها إدارة الرئيس ترامب وأصدرتها يوم 6/12/2025، وهي تعبير عن توجه سياسة الإدارة الأميركية لمناطق النفوذ التي تخدم مصالحها، وتحدد أولوياتها واهتماماتها الاستراتيجية، وفق تقليد بات مستمراً منذ أن أصدر الكونغرس قراراً للبيت الأبيض عام 1986، يتضمن ضرورة تقديم وثيقة دورية من قبل كل إدارة، تعرض فيها ومن خلالها التوجهات الأساسية للولايات المتحدة في مسألتي: 1- السياسة الدفاعية، 2- السياسة الخارجية، بهدف مواصلة مكانة الولايات المتحدة في النظام العالمي.
منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، واجهت الولايات المتحدة الحرب الباردة في مواجهة المعسكر الاشتراكي حتى العام 1990، ومن ثم كيف لها الحفاظ على هيمنتها على الوضع الدولي في مواجهة التنافس الاقتصادي مع الصين، وكيف لها توظيف تحالفاتها خدمة لمصالحها الاستراتيجية القائمة على الشعار «أميركا أولاً».
تصف وثيقة الأمن القومي الأميركي، منطقتنا بوصفها: «إقليماً تراجعت ضروريته الاستراتيجية للولايات المتحدة» وأن هذه المنطقة: «لم تعد ذلك المصدر الدائم للإزعاج والمصدر المحتمل لكارثة وشيكة كما كان، بل إنه يظهر الآن كمكان للشراكة والصداقة والاستثمار وهو اتجاه ينبغي الترحيب به وتشجيعه».
وترى وثيقة استراتيجية الولايات المتحدة وفق منظور إدارة الرئيس ترامب، كما يلي: 1- الصين المنافس الأول، 2- روسيا تهديد مباشر لأوروبا، 3- إيران الخصم الرئيسي في منطقتنا، 4- العالم العربي أو ما تسميه «الشرق الأوسط»: منطقة يجب الحفاظ عليها لتبقى تحت مظلة النفوذ الأميركي، 5- الحلفاء شركاء مطلوب منهم أن يدفعوا تكاليف الأمن والحماية والشراكة، ومن أجل تحقيق هذه التوجهات ترى الوثيقة كيفية التعامل مع الأطراف في منطقتنا كما يلي:
1 - دعم التحالف الأميركي مع بلدان عربية في مواجهة إيران، وردعها.
2 - دعم المستعمرة الإسرائيلية كحليف استراتيجي لها الأولوية.
3 - تعزيز الاتفاقات الإبراهيمية وتوسيعها.
4 - استمرار التصدي للتنظيمات السياسية المتطرفة.
5 - الحفاظ على الوجود العسكري المحدود في سوريا والعراق لمواجهة إيران.
6 - التعاون مع مصر والأردن بوصفهما: «شريكين أساسيين للأمن والاستقرار».
ومع ذلك تؤكد عدم الانسحاب الأميركي من المنطقة العربية حتى لا يحدث فراغ لصالح إيران أو لصالح الصين، وفي هذا المجال تؤكد على أن إيران هي الدولة الأولى الراعية للإرهاب والتطرف، وستواصل العمل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، والعمل على مواصلة العقوبات الاقتصادية على إيران، والتصدي «للحرس الثوري الإيراني» باعتباره أداة إيران لفرض السيطرة، وهي ستتعاون مع شركاء من المنطقة لمواجهة سياسات إيران وأفعال الحرس الثوري الإيراني.