جفرا نيوز -
علي السنيد
طالعتنا العديد من المواقع الاخبارية الاردنية بتحليلات ومقالات سياسية تثير الهلع وتدعو الدولة الاردنية الى ضرورة الاسراع في ترتيب اوضاعها السياسية الداخلية وفقا للقرارات الامريكية التي قضت بتصنيف جماعة الاخوان المسلمين، واذرعها كمنظمة ارهابية في المنطقة.
وقدمت العديد من السيناريوهات لمواجهة هذا التحدي، وتنطوي في معظمها على حل مجلس النواب للخلاص من تركيبته الحزبية الحالية.
وذهبت هذه التحليلات الى ضرورة اجراء تعديلات دستورية تتيح للحكومة حل مجلس النواب في اي وقت تشاء ودون الزامها بالتقدم باستقالتها اثر ذلك، والتراجع عن التقيد بعدم تكليف رئيسها بتشكيلها من جديد ، و كما هو معمول به بموجب احكام الدستور الحالية.
وكذلك تعديل النص الدستوري الذي يلزم الدولة باجراء الانتخابات النيابية عند حل مجلس النواب خلال مدة اربعة اشهر من تاريخ الحل، وتغييره الى نص جديد باحكام جديدة.
وعزت هذه التحليلات كل ذلك الى ضرورة التكيف مع المتطلبات الامريكية وكأن الدولة الاردنية بلا سيادة، وهي فقط تلتقط الاشارات الامريكية ، وتعيد ترتيب اوضاعها الداخلية وفقا لهذه الرغبات الامريكية التي اصبحت قدرا محتوما على الدول، ومنها الاردن لدى البعض.
وهذا الخطاب الماس بالسيادة يخدش الشعور الوطني العام للاردنيين، ولا يمكن القبول به واعتباره من المصلحة الوطنية، والدولة الاردنية لها قرارها الوطني، ولا تتخذ القرارات فيها بهذه الطريقة الاعتباطية ، والتي لا تراعي المصلحة الوطنية، وتعتدي على كرامة الدولة، وحقها في السيادة على ترابها الوطني.
والاردن واجه عبر تاريخه ضغوطات كثيرة لثنيه عن مواقف اقليمة ودولية، ولم يعيرها اهتماما ، ومضت الدولة في سياساتها الوطنية، وكانت الاكثر منعة واستقرارا بتكاتف شعبها ، وقوة مؤسساتها الدستورية.
وحجم التهويل للقرار الامريكي، وضرورة التزام الاردن به لو افترضنا صحته لا يقتضي اتخاذ كل هذه الاجراءات التي وصلت الى حد حل مجلس النواب، وهو المنتتج الاول لعملية التحديث السياسي التي يرعاها جلالة الملك مباشرة، وكذلك القيام بتعديلات دستورية لا هم لها سوى الابقاء على هذه الحكومة، وعدم الزامها باجراء انتخابات نيابية خلال مدة اربعة اشهر من تاريخ حل المجلس وتركها منفردة في الميدان السياسي، وتمارس عملية الحكم والتشريع وحدها وباقصى مدة ممكنة بدون وجود مجلس النواب الذي يبسط رقابته عليها كما تقتضي نصوص الدستور، وتوازنات العملية السياسية الجارية في الاردن.
وهذا يتوافق فيما يبدو مع التوجهات الحكومية الظاهرة التي تضيق بالجانب المنتخب من المؤسسات الدستورية، وكان من مؤشراتها الاولية الاسراع الى حل مجالس البلديات ومجالس اللامركزية قبل سنة تقريبا من نهاية مدتها، وكذلك فضلت الحكومة عدم دعوة مجلس النواب للانعقاد في دورة استثنائية كي تتخلص من عدة اشهر من انعقاده، وكأن هذه الحكومة تضرب صفحا بالارادة الشعبية ، وبنتائج الانتخابات في الاردن.
وهذا يعطي تصورا سلبيا ازاء نظرتها الى العملية الانتخابية برمتها، وعدم احترامها للتوجهات الديموقراطية للمملكة وخاصة ونحن شرعنا قبل سنوات بعملية التحديث السياسي التي تقتضي ان تتشكل الحكومات وفق قاعدة الاغلبية والاقلية البرلمانية ولا يكون ذلك بتغييب هذه المؤسسة الدستورية الام.
بقي ان اقول ان المتتبع للسياسة الامريكية يلحظ ان امريكا لا تمانع في سبيل تحقيق مصالحها من التعامل مع كل الاطراف ، وحتى مع القاعدة، وتقوم باسقاط اية تهم، او قرارات حظر عندما تقتضي الحاجة، وربما تعتمد الجماعات الاسلامية في سياساتها المستقبلية.
ولذلك لا يعول كثيرا على قرارات تصنيفها لبعض الجماعات بكونها منظمات ارهابية، والتي قد تكون عبرت في ذلك عن استجابة لمطالب بعض الدول العربية اكثر منها كونها متطلبات امريكية في الصميم.