جفرا نيوز -
محرر الشؤون البرلمانية
أكدت النائب رند الخزوز، أن عند قراءتنا الأوليةَ للموازنة العامة، تبيّنَ لنا وبكل موضوعيةٍ عدم اختلافها جوهريًا عن سابقاتها، بل يمكنُ القولُ إنها استمرارٌ للنهجِ ذاتهِ، نهجٍ تقليديٍّ في بناءِ الموازناتِ، يعتمدُ على معالجةِ العَجزِ وسدادِ الالتزاماتِ، أكثر مما يعتمدُ على إحداثِ نقلةٍ تنمويةٍ حقيقيةٍ، أو رؤيةٍ مختلفةٍ تعكسُ طموحاتِ الدولةِ الأردنيةِ في مرحلةِ التحديثِ الاقتصاديِّ.
وأضافت الخزوز خلال جلسة النواب التشريعية لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026، اليوم الاثنين، أن الموازنة لا ترتقى إلى مستوى المتغيراتِ والتحدياتِ، ولا يعبّرُ بالشكلِ الكافي عن رؤيةٍ اقتصاديةٍ شاملةٍ تستجيبُ لمتطلباتِ رؤيةِ التحديثِ الاقتصاديِّ، باستثناءِ ما تم تخصيصُه للمشاريعِ الكبرى إضافةً إلى تقديمِ الموازنةِ في وقتٍ مبكرٍ للبدءِ بالإنفاقِ مع بدايةِ عامِ ٢٠٢٦.
وبينت أن ومن باب المصادفةِ أو المفارقةِ المؤلمةِ، عدتُ إلى خطابِ الموازنةِ الذي قدمتُه تحت هذه القبةِ في العامِ الماضي 2025، فوجدتُ أن خطابَ موازنةِ 2025 يصلحُ لأن يُلقى كما هو على موازنةِ 2026، من حيثُ واقعيةُ الإيراداتِ أو كفاءةُ الإنفاقِ أو موازنةُ التمويلِ، الأمرُ الذي يطرحُ سؤالًا مشروعًا: أين هي الإضافةُ؟ أين هي الرؤيةُ الجديدةُ؟ وأين انعكاسُ برامجِ التحديثِ الاقتصاديِّ التي تحدثتْ عنها الحكومةُ مرارًا وتكرارًا؟.
وأشارت إلى أن الحكومة قامت بخطوةٍ مهمةٍ تمثلت في تعديلِ سنةِ الأساسِ إلى عامِ 2023، وهي خطوةٌ تتماشى شكليًا على الأقل مع سنةِ انطلاقِ رؤيةِ التحديثِ الاقتصاديِّ، وقد أدى هذا التعديلُ إلى تحسنٍ ملحوظٍ في المؤشراتِ الاقتصاديةِ الرسميةِ، سواءً في نسبِ النموِّ أو الدَّيْنِ أو الإيراداتِ، الأمرُ الذي منح الحكومةَ مساحةً واسعةً لتقديمِ صورةٍ تبدو أكثرَ إشراقًا عن الواقعِ الاقتصاديِّ.
وقالت: " ما دامت هذه الحكومةُ قادرةً على تحسينِ المؤشراتِ الاقتصاديةِ بمجردِ تعديلِ سنةِ القياسِ، فلماذا تعجزُ عن تحسينِ حياةِ المواطنين؟ أين يلمسُ الأردنيُّ هذا التحسنَ في كلفةِ معيشتهِ؟ أين يراهُ الشابُّ في فرصةِ عملٍ؟ أين ينعكسُ على جودةِ الخدماتِ الصحيةِ والتعليميةِ؟ وكيف ترتفعُ المؤشراتُ بينما تتراجعُ القدرةُ الشرائيةُ يومًا بعدَ يومٍ؟.
ونوهت إن أحدَ أبرزِ ملامحِ هذه الموازنةِ، استمرارُ الاعتمادِ على الضرائبِ غيرِ المباشرةِ، التي تشكلُ ما نسبته ٦٩٪ من إجمالي الضرائبِ، وفي مقدمتها ضريبةُ المبيعاتِ التي تطالُ يوميًا الطبقةَ الوسطى والطبقةَ الأقلَّ دخلًا، مقابلَ ٣١٪ فقط من الضرائبِ المباشرةِ.
وتابعت: " عند مراجعةِ الموازناتِ التأشيريةِ للأعوام 2027 و2028، وهي السنواتُ التي تنتهي خلالها ولايةُ هذه الحكومةِ، نجدُ أن هذه النسبَ ثابتةٌ دون أي تغييرٍ، وكأن نهجَ تحميلِ المواطنِ كلفةَ الفاتورةِ الاقتصاديةِ بات خيارًا لا خلافَ عليه؛ وهنا أتساءلُ: إذا كانت الحكومةُ تُصرُّ على تثبيتِ هذه النسبِ لثلاثِ سنواتٍ متتاليةٍ، فهل تريدُ أن توصلَ رسالةً مفادُها أنها كغيرِها من الحكوماتِ السابقةِ عاجزةٌ عن الوصولِ إلى عدالةٍ ضريبيةٍ؟.
وكشفت: " رغم ما تعلنه الحكومةُ عن تقدمها في التحولِ الرقميِّ، ورغم ما أُنفِقَ على المنصاتِ والأنظمةِ الإلكترونيةِ، لا تزالُ قاعدةُ البياناتِ الوطنيةِ غيرَ مكتملةٍ، وغيرَ قادرةٍ على تحديدِ المستحقِّ الفعليِّ للدعمِ من غيرِ المستحقِّ، والنتيجةُ استمرارُ تشوهِ الدعمِ فوصولُه لغيرِ مستحقيهِ وحرمانُ مستحقينَ فعليينَ، بات أمرًا متكررًا ومكلفًا اجتماعيًا واقتصاديًا؛ فكيف يمكنُ لحكومةٍ تتحدثُ عن الرقمنةِ والحكومةِ الإلكترونيةِ والبياناتِ المفتوحةِ، أن تعجزَ منذ سنواتٍ عن بناءِ قاعدةِ بياناتٍ وطنيةٍ دقيقةٍ تُوجَّه مخصصاتُ الدعمِ إلى مستحقيهِ فعلًا؟.
وأوضحت: " لقد سبق وأن حذّرتُ من أخطرِ ما يواجهُ الماليةَ العامةَ اليوم، وهو انفلاتُ أرقامِ المديونيةِ بطريقةٍ لا تعكسُ حقيقةَ العجزِ المتوقعِ في الموازنةِ، بل تخفيهِ خلف بندٍّ متكررٍ اسمه المتأخراتُ الحكوميةُ التي تشكلُ تعديًا صارخًا على سقوفِ الإنفاقِ التي أُقرت بالطرقِ التشريعيةِ.
وواصلت: عجزُ الوحداتِ الحكوميةِ " الكهرباءُ والمياهُ "نموذجًا لا يمكنُ لأيِّ موازنةٍ أن تحققَ أهدافَها، بينما تستمرُّ وحداتٌ حكوميةٌ أساسيةٌ في العملِ بمنهجيةِ إنفاقٍ أكبر من قدرتِها على التمويلِ، فملفُّ الكهرباءِ والمياهِ لم يعد قضيةً فنيةً أو تشغيليةً، بل تحولَ إلى مشكلةٍ ماليةٍ متراكمةٍ تزاحمُ أولوياتِ الدولةِ وتلتهمُ الحصةَ الأكبر من أي توجهٍ رأسماليٍّ تنمويٍّ.
وقالت: " الأخطرُ من ذلك أن هذه الفجواتَ لم تعد مرتبطةً بظرفٍ طارئٍ، بل أصبحت نمطًا ماليًا يتكررُ كلَّ عامٍ دون خطةٍ معلنةٍ أو رؤيةٍ إصلاحية واضحةٍ. وهنا ما يفرض تساؤلات: هل يُعقلُ أن تبقى هذه القطاعاتُ خارجَ إطارِ المعالجةِ، بينما يتحملُ المواطنُ كلفةَ غيابِ القرارِ؟.