النسخة الكاملة

العنف ضد المرأة الفلسطينية

الأحد-2025-12-07 10:22 am
جفرا نيوز -
علي ابو حبلة

يأتي اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة هذا العام فيما تواجه المرأة الفلسطينية واحدة من أقسى البيئات الإنسانية والسياسية، نتيجة استمرار الاحتلال الإسرائيلي وسياساته الممنهجة التي تنعكس على حياة النساء في غزة والضفة الغربية والقدس، وفي السجون ومراكز الاحتجاز.

وعلى الرغم من اختلاف الظروف بين هذه المناطق، فإن العامل المشترك بينها هو اتساع رقعة الانتهاكات التي تطال المرأة، وتعارضها الواضح مع قواعد القانون الدولي الإنساني والمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

استهداف الصحفيات  شيرين أبو عاقلة شاهدًا حيًا

تمثل قضية اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة واحدة من أبرز الشواهد على خطورة ما تتعرض له الإعلاميات الفلسطينيات أثناء عملهن. فشيرين كانت ترتدي زي الصحافة بوضوح عندما أصيبت برصاصة قاتلة، وقد وثقت منظمات دولية الحادثة باعتبارها خرقًا لالتزامات إسرائيل المتعلقة بحماية الصحفيين في مناطق النزاع.

ومنذ ذلك الحين، تزايدت الاعتداءات على الصحفيات، خصوصًا في قطاع غزة الذي شهد استهدافًا لمقار إعلامية وعاملات في الميدان، في مؤشر على نمط يهدد حرية العمل الصحفي وحق الجمهور في الوصول إلى المعلومات.

غزة  واقع إنساني تضاعف فيه معاناة النساء

تعيش نساء غزة ظروفًا غير مسبوقة جراء العمليات العسكرية المستمرة والتدهور الحاد في البيئة الإنسانية. آلاف النساء فقدن أفرادًا من أسرهن، ونزحت أخريات مرات عديدة بحثًا عن مأوى آمن، في ظل تراجع حاد في الخدمات الصحية والغذائية والمياه.

هذا الواقع يجعل المرأة تتحمل عبئًا إضافيًا في تأمين احتياجات أسرتها وتوفير الحماية لأطفالها، بينما تتعرض في الوقت ذاته لخطر مباشر نتيجة الاستهداف والقصف. وتعد هذه الانتهاكات مخالفة صريحة لالتزامات إسرائيل تجاه حماية المدنيين، وخاصة النساء، وفق اتفاقيات جنيف.

الضفة الغربية  عنف يومي وقيود على الحركة

في الضفة الغربية، لا يقتصر العنف على الحملات العسكرية والاقتحامات، بل يشمل بيئة من القيود المعقدة التي تؤثر على حياة النساء. فالحواجز العسكرية تُشكِّل عائقًا أمام وصول المرأة إلى عملها أو تعليمها، كما تتأثر النساء بسياسات الاعتقال والاقتحامات الليلية، وما تسببه من ضغوط نفسية واجتماعية.

هذه الأوضاع تفضي إلى تراجع الأمن الإنساني للنساء، وتحد من مشاركتهن الفاعلة في الحياة العامة، في مخالفة واضحة لقواعد حماية المدنيين في أوقات الاحتلال.

القدس  تمييز ممنهج يمس المرأة وعائلتها

في القدس، تأخذ الانتهاكات شكلًا مختلفًا، يتمثل في تمييز منهجي يطال المرأة في حقها بالسكن ولمّ شمل الأسرة والتنقل والوصول للخدمات العامة.

تواجه النساء المقدسيات تهديدًا دائمًا بفقدان الإقامة، أو هدم المنزل، بالإضافة إلى الاعتداءات من قبل المستوطنين، والتي غالبًا ما تقع بحماية القوات الإسرائيلية.

هذه السياسات لا تؤثر على المرأة وحدها، بل تضرب النسيج الاجتماعي للعائلات المقدسية، وتشكل نمطًا من السياسات العنصرية التي تخالف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بمناهضة التمييز.

الأسيرات  ملف إنساني وقانوني مفتوح

تعاني الأسيرات في السجون الإسرائيلية من ظروف قاسية تشمل التفتيشات القسرية، والحرمان من العلاج، والقيود على الزيارة، وأحيانًا العزل الانفرادي.

وتشير تقارير حقوقية إلى أن بعض الأسيرات يتعرضن لممارسات تتعارض بشكل واضح مع القواعد الدولية التي تنظم معاملة المحتجزين، الأمر الذي يستدعي رقابة دولية مستقلة لضمان تطبيق المعايير الإنسانية.

الالتزامات القانونية الدولية  إطار واضح لانتهاكات مستمرة

ينص القانون الدولي الإنساني، إضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، على حماية النساء من العنف أثناء النزاعات. كما يُعد استهداف الصحفيين جريمة تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ويُشكّل تهديدًا لحرية الإعلام.

إن طبيعة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات، وتكرارها عبر مناطق متعددة، يشير إلى وجود نمط ممنهج يجعل مسؤولية حماية المرأة الفلسطينية مسؤولية دولية وليست محلية فقط.

خاتمة

على الرغم من التحديات الجسيمة، أثبتت المرأة الفلسطينية قدرة استثنائية على الصمود والمشاركة في مختلف مجالات الحياة.

وفي هذا اليوم العالمي، تتجدد الدعوة لتمكين النساء، وحماية حقوقهن، والعمل على مساءلة مرتكبي الانتهاكات وفق القانون الدولي.

فالمرأة الفلسطينية، رغم كل الظروف، تبقى صوتًا حاضرًا لا يمكن إسكاتُه.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير