النسخة الكاملة

قرار لا يصنعه الهامسون… قراءة حادّة في معادلة حلّ مجلس النواب

الإثنين-2025-12-01 05:50 pm
جفرا نيوز -

محمد علي الزعبي 

في دولة بحجم الأردن، لا تُدار استحقاقات الوطن بعقلية المقاهي ولا تُصاغ القرارات المصيرية من همسات الصالونات السياسية التي تتغذّى على الشائعات وتقتات على التكهنات، وحين يتردد الحديث عن حلّ مجلس النواب، فإن جلالة الملك لا يلتفت إلى الدردشات الجانبية، ولا يزن رأيًا انفعل به شارع أو استثمرته قوى تبحث عن مكاسب ضيقة؛ بل ينظر إلى معطيات دقيقة وواضحة لا يملكها إلا رأس الدولة.

الحلّ إن جاء ليس «صفقة سياسية» ولا «هاشتاغًا شعبيًا» ولا أمنية البعض ممن يخلطون بين الرغبات الشخصية ومقتضيات الدولة، هو قرار تُبنى له قراءة معمّقة لأداء المجلس، لفاعليته، لمدى انسجامه مع إصلاحات الدولة، ولحجم العبء الذي يشكله بعض النواب حين يستبدلون العمل الوطني بمسرحيات استعراضية لا تخدم إلا أرشيفًا انتخابيًا متهالكًا.

وفي المقابل، فإن التعميم لا ينصف الحقيقة؛ فداخل المجلس قامات وطنية حاولت أن تعمل، وأخرى وقفت في منتصف الطريق، وثالثة أثقلت المشهد بحديثٍ مرتجل لا يليق بالموقع ولا باللحظة، وهنا تكمن الصعوبة… ولذلك تحديدًا، لا يملك قرار الحلّ إلا الملك، لأنه وحده من يرى الصورة كاملة بلا ضجيج ولا مصالح.

أما أولئك الذين يفسرون كل حركة سياسية وفق أهوائهم، ويظنون أن حل المجلس يُطبخ في الظلام أو يُقرر في مجلس قهوة، فهم يتجاهلون أن الأردن دولة تقرأ مستقبلها بعين مفتوحة، وتدير انتقالاتها السياسية وفق منهج لا يتأثر بضغط، ولا ينحرف بمساومة، ولا يرضخ لفوضى التحليلات العابرة.

إن المرحلة القادمة لا تحتمل برلمانًا مرتبكًا أو أداءً رماديًا، تحتاج إلى مؤسسة رقابية وتشريعية قادرة على مواكبة الدولة في مشروعها الإصلاحي، وعلى حمل مسؤولياتها دون خوف من ردود فعل، ودون حسابات انتخابية تُشلّ الإرادة وتُفرّغ الدور من مضمونه، ولهذا، فإن أي قرار ملكي سيكون خطوة لضبط الإيقاع الوطني، لا استجابة لساخط، ولا تحقيقًا لرغبة متربص.

قرار الحل  إن اتُخذ لن يأتي من غضب ولا من نزوة، بل من قراءة صارمة لمصلحة الدولة، ومن إدراك أن إعادة ترتيب المشهد ضرورة وطنية في لحظة إقليمية معقدة لا تسمح بترف المجاملات، إنه قرار يخرج من عقل الدولة… لا من أصابع المتحاورين في الأزقة.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير