النسخة الكاملة

التلفزيون الأردني.. من يوقف العبث؟

الأحد-2025-11-09 11:27 am
جفرا نيوز -
رسالة إلى دولة رئيس الوزراء

دولة الرئيس، الحلقة الثالثة:

بلال ابوقريق خريسات

أكتب إليكم اليوم من منطلق الحرص الوطني، ومن موقع الغيرة على مؤسسات الدولة التي كانت يوماً منارات ثقة وانتماء، لأتحدث بصراحة عمّا يجري في التلفزيون الأردني، المؤسسة التي يُفترض أن تكون واجهة الوطن وصوته الرسمي، فإذا بها تتحول إلى ساحة عبث إداري وتجارب شخصية لا تنتهي.

فوجئ العاملون والمتابعون قبل أيام بإعلان "خطة عمل" غريبة في مضمونها وتوقيتها، تتحدث عن شراء خدمات وتعيينات وإنتاجات وتعاقدات، وكأن المؤسسة في ذروة ازدهارها، لا في أدنى مراحل ضعفها وانفصالها عن الناس. هذه الخطة لا تُظهر رؤية إصلاحية ولا خطة تطوير، بل تكرّس ثقافة الارتجال والمحسوبية، وتفتح الباب واسعاً أمام القرارات غير المدروسة التي تُهدر المال العام وتُعمّق أزمة الثقة.

لقد فقد التلفزيون في السنوات الأخيرة شرعية العلاقة مع الناس، وتراجع دوره المهني والوطني، فيما ازدادت الشكوك حول كيفية إدارة موارده وملفاته. والأنكى أن المؤسسة، في عهد إدارتها الحالية، باتت تُدار بعقلية ضيقة، تُقصي الكفاءات، وتحتكر القرار، وتُغلق الأبواب أمام أي نقد أو إصلاح حقيقي.

والسؤال هنا: لماذا لا تتم الأمور بشفافية؟
كيف جرت التعاقدات مع الشركات؟ ومن هي الجهات التي رُسيت عليها هذه العقود؟ ولماذا غابت معايير العدالة والكفاءة في اختيار الكوادر؟ والسؤال الأهم: ما هو الدور الخفي الذي يلعبه بعض المخرجين والمديرين داخل التلفزيون؟ وكيف تُتخذ القرارات الإنتاجية والمالية في ظل هذا الغموض؟

ثم أين هي المؤسسات الرقابية من كل ما يحدث؟ أين ديوان المحاسبة، وهيئة النزاهة، ووزارة الإعلام،أين هم نواب الشعب ؟ أليس من واجب هذه الجهات أن تراقب وتحقق وتضع حداً لهذا الانفلات الإداري؟

إننا أمام مشهد مؤسف يسيء إلى جوهر العلاقة بين الدولة ومواطنيها، ويزعزع الثقة بالمؤسسات الوطنية. فهل يُعقل أن تبقى مؤسسة بحجم التلفزيون الأردني أسيرة قرارات مرتجلة وأجندات شخصية؟ وهل يجوز أن يُترك المال العام بلا رقابة حقيقية ولا محاسبة؟

دولة الرئيس،
إن المسؤولية الوطنية تُحتم التدخل العاجل لإعادة ضبط المسار، فالمؤسسة التي كانت يوماً حاضنة للإبداع والإعلام الوطني، لم تعد تحتمل مزيداً من العبث الإداري والمالي. المطلوب لجنة مستقلة تراجع كل ما جرى من تعيينات وتعاقدات وإنتاجات، وتضع توصيات واضحة تضمن إعادة الهيبة والمصداقية لهذا الصرح الوطني العريق.

ودون مجاملة، لقد آن الأوان للتغيير الحقيقي داخل التلفزيون الأردني، سواء على مستوى رئيس مجلس الإدارة أو الإدارة التنفيذية، فالمشهد لم يعد يُحتمل، والمهزلة يجب أن تتوقف. إن استمرار هذا النهج يعني فقدان ما تبقّى من ثقة الناس بمؤسسة هي جزء من ذاكرة الوطن وكرامته الإعلامية.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير