جفرا نيوز -
بقلم عبد المجيد ابو الفيلات
من يراقب المشهد البلدي في الأردن يلحظ أن إيقاع العمل داخل وزارة الإدارة المحلية (البلديات) يرتبط بشكل مباشر بحضور الوزير توفيق كريشان، الذي يُعد من أكثر الوزراء خبرةً واحتكاكًا بالميدان. فالرجل، الذي أمضى سنوات طويلة في العمل العام، اكتسب قدرة فريدة على إدارة الأزمات واحتواء الخلافات بين البلديات والمجالس المحلية، وهي مهارة قلّما تتوافر في غيره.
لكن حين يغيب كريشان — لأي سبب — تبدأ ملامح الارتباك بالظهور. تتباطأ القرارات، وتتصاعد الخلافات بين البلديات، وتتداخل الصلاحيات، ويغيب الصوت الذي عادةً ما يُعيد التوازن إلى المشهد. فحضور الوزير في الميدان لا يقتصر على الزيارات الرسمية، بل يمتد إلى المتابعة اليومية، والتواصل المباشر مع رؤساء البلديات والموظفين، وحتى مع المواطنين في القرى والألوية.
الواقع أن غياب كريشان لا يكشف ضعف الوزارة بقدر ما يسلّط الضوء على شخصنة الإدارة في مؤسساتنا العامة. فحين ترتبط كفاءة الجهاز الإداري بشخص الوزير، فإن ذلك يعني أن البنية المؤسسية لم تترسخ بعد بما يكفي لتعمل بكفاءة واستقلالية.
من هنا، لا يكفي أن نُشيد بدور كريشان في إدارة الأزمات، بل يجب أن نطرح السؤال الأعمق: لماذا تُخلق الأزمات بغيابه أصلًا؟
الجواب يكمن في الحاجة إلى بناء نظام إداري مستدام، قائم على تفويض الصلاحيات، وتمكين الكفاءات داخل الوزارة، بحيث لا يتوقف الأداء على وجود شخص بعينه مهما كانت خبرته أو حضوره قويًا.
إن تجربة وزارة الإدارة المحلية خلال السنوات الأخيرة تؤكد أن الاستقرار المؤسسي لا يتحقق إلا عندما تتحول الخبرة الفردية إلى نهج إداري متوارث، وعندما تصبح البلديات قادرة على إدارة شؤونها بذات الكفاءة سواء حضر الوزير أم غاب.