جفرا نيوز -
فيصل الشبول
خطابان في يوم واحد يلقيهما الرئيس الأميركي دونالد ترمب اليوم، أحدهما أمام الكنيست الإسرائيلي، والآخر في قمة شرم الشيخ بمشاركة قادة عشرين دولة عربية وإسلامية وأوروبية.
أنجز رئيسان ديمقراطيان أميركيان (جيمي كارتر وبيل كلينتون) ثلاث اتفاقيات سلام على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي: معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، واتفاقيات أوسلو، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، على التوالي.
أما الرؤساء الجمهوريون فلم يحققوا أي تغيير جدي في هذا الملف، سوى ما فعله الرئيس ترمب في ولايته الأولى، حيث اعترف بسيادة الاحتلال على مرتفعات الجولان السورية، وبالقدس الموحَّدة عاصمة لإسرائيل، ضمن «صفقة» ووعود أُنجزت اتفاقيات إبراهيميّة مع ثلاث دول عربية خليجية.
سيتحدث الرئيس الأميركي اليوم بلسانين في مكانين مختلفين: لسان صانع السلام وبطل إيقاف الحروب «الثمانية»، ولسان منطق القوة والداعم بلا حدود لليمين الإسرائيلي.
منذ تسلّمه دفة الحكم مجدداً في الولايات المتحدة مطلع العام الحالي، ومن خلال تصريحاته اليومية، وكلما أتى على الحرب في غزة، لم يأتِ الرئيس ترمب على ذكر الفلسطينيين، ولا الدولة الفلسطينية، ولا حلّ الدولتين.
الأسبوع الماضي فقط قال لنتنياهو إنه لا يمكن محاربة العالم أجمع، في اعتراف واضح بالتحولات الدولية الكبرى إزاء القضية الفلسطينية والحقوق الفلسطينية. وفي رده على سؤال بشأن حلّ الدولتين الذي باتت تؤيده معظم دول العالم، قال ترمب إنه لم يتخذ موقفاً بعد، وإنه ملتزم بما هو متفق عليه، من دون أن يوضح الأمر المتفق عليه.
في الكنيست الإسرائيلي سيبارك الرئيس ترمب «النصر الإسرائيلي» على حماس، وسيصف نتنياهو بالبطل، جرياً على أوصافه السابقة. وسيحاول طمأنة اليمين الإسرائيلي إلى موقف الإدارة الأميركية الداعم والحامي، بما في ذلك تبرئة نتنياهو وفريقه من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. وسيتفاخر بأنه الحليف الأقوى «والتاريخي» لدولة الاحتلال، والضامن لتفوقها في المنطقة.
أما في شرم الشيخ، فإنه يسعى إلى صورة تُرسّخ في أذهان العالم لسنوات طويلة، فهو سيرعى توقيع نهاية حرب غزة وعودة المحتجزين والأسرى، وإعادة الإعمار، وصولاً إلى سلام أشمل في عهده.
صورة بطل الحرب وبطل السلام، فهو الذي دعم حكومة نتنياهو بلا حدود وحماها من الملاحقة، وهو الذي أمر بقصف إيران مثلما أمر بالفيتو في مجلس الأمن لمنع وقف الحرب، ومعارضة قرار حلّ الدولتين والاعتراف بدولة فلسطين.
صورة رئيس الولايات المتحدة الأقوى، ورئيس مجلس السلام العالمي، ومخلّص العالم من الحروب، حتى وإن كانت حروباً مفترضة.
سيتحدث الرئيس الأميركي عن السلام، وتوسيع نطاق الاتفاقيات الإبراهيمية، وعن حلم الشرق الأوسط المزدهر.
يدرك الرئيس ترمب أن إسرائيل باتت معزولة دولياً، وإن بشكل مؤقت. ويدرك كذلك أن القادة العرب والمسلمين، بل والأوروبيين الذين يمثلون الدول القيادية في القارة الأوروبية، لا يرون سلاماً واعداً ودائماً مع الاحتلال وإنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
جملة واحدة يمكن أن تغيّر شيئاً في شرم الشيخ:
حلّ الدولتين
سيقبل القادة المجتمعون في شرم الشيخ اليوم غرور الرئيس الأميركي وأحلامه وأوهامه وإنجازاته (وأهمها وقف الحرب) إذا أظهر بعضاً من العدل تجاه المنطقة وقضيتها المركزية، القضية الفلسطينية.