جفرا نيوز -
نسيم عنيزات
بالرغم من عدم وجودنا على طاولة المفاوضات، فلا يمكن لأحد أن يتجاهل الدور الأردني الذي كان هدفه الأول وهمّه الأساسي وقف الحرب الهمجية والإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، دون البحث عن الأضواء أو انتظار كلمة شكر.
ومع أننا لم نجلس على الطاولة فإننا كنا موجودين بكل تفاصيل ما على سطحها من أوراق ونقاشات.
فقد لعب الأردن دورًا مهمًا بفضح الممارسات الصهيونية وحشد موقف دولي ضاغط لوقف العدوان الإسرائيلي، أسفر عن عزل الاحتلال دوليًا دون دعم عالمي كما كان سابقًا، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية طبعًا، التي وجدت صعوبة في إخراج إسرائيل من عزلتها أو التأثير على العالم الذي انتفض بعد أن توحّد ضدها، مما دفعها إلى تقديم خطتها والضغط على إسرائيل لإنهاء حربها.
وكان للأردن دور مهم وكبير بالتنسيق مع جمهورية مصر العربية في إفشال خطة نتنياهو ويمينه المتطرف بتهجير سكان القطاع تمهيدًا لتهجير الفلسطينيين من الأراضي المحتلة، وتوفير الدعم للأونروا التي تخلّت عنها واشنطن وغيرها لتبقى شاهدة على قضية اللاجئين الفلسطينيين.
فالحضور والدور الأردني لا ولن يتوقفا عند كرسي على طاولة المفاوضات، بعد أن لعب دورًا في التمهيد لها بجهود دبلوماسية قادها منذ اللحظة الأولى، لأنه كان ينطلق من موقف إنساني وأخلاقي وقانوني لوقف العدوان وإنهاء الحرب وعودة النازحين إلى ديارهم، ودخول المساعدات التي لم تتوقف أردنيًا.
وكان موقفه واضحًا وثابتًا منذ اليوم الأول للعدوان دون تغيير أو تبديل، على الرغم من كل الضغوط والتحديات، انطلاقًا من موقف ثابت ومصلحة وطنية عليا.
وكان حاضرًا في كل اللقاءات والمؤتمرات الدولية التي كان آخرها مع الرئيس الأمريكي على هامش أعمال الجمعية العامة، لمناقشة الخطة مع عدد من زعماء الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يؤكد دوره وأهميته في المنطقة، والتي لا يمكن تجاهلها أو القفز عنها.
وتمكن الأردن من المواءمة بين مصالحه الوطنية وموقفه الداعي لوقف العدوان، الذي عبّر عنه أكثر من مرة وفي كل محفل ولقاء دولي، غير مكتفٍ ببيانات الاستنكار أو الإدانة.
ولم يغب يومًا عن أي لقاء أو مؤتمر دولي لمناقشة الحرب على غزة أو القضية الفلسطينية بكل تفاصيلها، عارضًا موقفه ومقدمًا رؤيته الداعية إلى إحلال السلام وإقامة الدولة الفلسطينية دون تردد أو النظر إلى أي حسابات غير إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
فمن الظلم اختزال الجهود الأردنية الرسمية والشعبية بمقعد على طاولة المفاوضات لمناقشة خطة كان قد اطّلع عليها وقدم رؤيته حولها مسبقًا، دون النظر إلى الجهود الدبلوماسية التي قادها منذ اليوم الأول، وإفشاله لأهم المخططات الإسرائيلية وأهدافها من الحرب بضم الأراضي الفلسطينية وتهجير سكانها.
وعلينا أن ندرك جيدًا أو نسأل أنفسنا: ماذا كان سيُقدِّم أو يُضيف الجلوس على طاولة المفاوضات للأردن إزاء كل هذه المواقف التي لا ينكرها إلا جاحد أو حاقد؟