النسخة الكاملة

«إسرائيل»... البطة الجرباء!

الثلاثاء-2025-09-30 09:33 am
جفرا نيوز -
رشاد ابو داود

عربات جدعون تغرق في مستنقع غزة. إسرائيل تزداد عزلة، أصبحت دولة منبوذة في العالم. ونتنياهو تلقى صفعة، بل بصقة كما وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية، في خطابه بالأمم المتحدة حيث تحدث إلى حيطان عندما خرجت معظم الوفود حين رأوه يعتلي المنصة.

كذب وكذب وحاول قلب حقائق إجرامه في غزة، لكن لم يعد العالم يصدقه.

إلى أين يأخذ نتنياهو المنطقة، بل العالم، بل إسرائيل نفسها؟ لا نهاية لطريقه سوى الموت والدمار. هذا الرجل لم يعد يعير اعتبارًا للقانون الدولي، ولا للأمم المتحدة، ولا للإنسانية. ولا طبعًا للحقيقة التي يحاول إخفاءها بالأكاذيب التي لم تعد تنطلي على أغلب الإسرائيليين ودول وشعوب العالم.

يقرأ من التوراة ويتقمص شخصية النبي موسى ويوشع بن نون وملوك إسرائيل الذين سادت ممالكهم لكنها كلها بادت. ليس لنقص في شخصيات قادتها وعدم إيمانهم، بل لعدم طاعة أقوامهم لهم وإغضابهم الرب. ألم يقولوا لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا، ها نحن هنا قاعدون؟!

نتنياهو يستخدم مصطلحات من التوراة بغير وجه حقيقتها. «محو ذكر عماليق» في إشارة إلى أهل فلسطين الكنعانيين، وهي دعوة إلى أن يتصرّف الجيش الإسرائيلي في غزة تمامًا كما فعل يوشع في أريحا: إبادة جماعية باسم الوعد الإلهي. «السيوف الحديدية» كإشارة إلى الصراع بين بني إسرائيل والفلسطينيين زمن داود وشاؤول، حيث مُنع العبرانيون من تصنيع السلاح الحديدي كرمز للسيادة.

أما مصطلح «عربات جدعون» التي أقرت حكومة نتنياهو بفشلها، فأعطوها رقم واحد، فبدأوا برقم اثنين الحالية، بهدف محو مدينة غزة بما فيها من بشر وحجر. وجدعون هو القاضي التوراتي الذي قاد شعبه في لحظة انحدار أخلاقي وانتشار عبادة الأصنام، حين تحالف عدواه مديان وعملاق لتدمير المحاصيل. ورغم الخوف، واصل جدعون عمله سرًّا، مؤمنًا بالنجاة من عماليق، وفي النهاية هلكت وزالت مملكتهم.

بعد أن استهلك أغلب المصطلحات التوراتية للتغطية على تهوره وفشله وفساده أمام الإسرائيليين، راح نتنياهو يبحث في التاريخ عمّا يُلهيهم عن واقعهم، فوجد تجربة «إسبرطة»، مطالبًا إياهم أن يعتمدوا على أنفسهم بتصنيع السلاح والانغلاق عن المجتمع الدولي كحل للعزلة التي اعترف هو وحليفه ترمب بأن إسرائيل تعيشها.

وكما قال الكاتب الإسرائيلي بن كسبيت في مقال بصحيفة «معاريف»: لقد فقد هذا الرجل كوابحه وتوازنه تمامًا واتصاله بالواقع، هذه حقيقة. إن استمراره في قيادة سفينة «تايتانيك» الخاصة بنا يشكّل خطرًا على الأرواح. لا ينبغي أن تصبح إسرائيل إسبرطة أو كوريا الشمالية. هذا ليس قضاءً وقدرًا. كان بإمكان إسرائيل أن تكون دولة رائدة ومحبوبة ومقبولة ومشهورة، ومنارة للتكنولوجيا والاستخبارات والقيادة والاقتصاد في الشرق الأوسط أيضًا، لو لم تكن بقيادة تلك المجموعة الجامحة من المتوحشين الذين جلبهم هذا الرجل علينا. كيف أعرف كل هذا؟ من حقيقة أننا كنا كذلك، قبل فترة ليست طويلة.

المشكلة أن إسبرطة انقرضت، ضاعت واختفت. لم تعد موجودة اليوم (أُعيد بناء قرية صغيرة تحمل هذا الاسم في العصر الحديث). ما نجا هو أثينا، أثينا نفسها التي يحاول نتنياهو تدميرها بكل قوته.

بالمناسبة، من اعتنق إسبرطة وثقافتها وأساطيرها هم النازيون، كتابةً وشفهيًا وممارسةً. وهنا أيضًا، نعرف كيف انتهت الأمور.

نتنياهو هو الطفل الذي قتل والديه، ثم طلب لاحقًا تخفيف عقوبته لأنه يتيم!

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير