النسخة الكاملة

أسئلة جماهيرية.. بديل يزيد وصبرة وفاخوري

الأربعاء-2025-09-24 10:34 am
جفرا نيوز -
بدأ جمهور كرة القدم الأردنية، يعتاد استقرار تشكيلة المنتخب الوطني، قبل أشهر على انطلاق نهائيات كأس العالم 2026، التي سيشارك فيها الفريق للمرة الأولى في تاريخه.

ويختلف المتابعون بين مؤيد ومعارض، حول طريقة المدير الفني المغربي جمال سلامي، المتعلقة باختياراته للتشكيلة الأساسية للمباريات، سواء كانت تنافسية أو ودية، حيث يضع المدرب جل اهتمامه على حوالي 15 لاعبا فقط، من دون منح الآخرين فرصة للتعبير عن أنفسهم.

من الناحية المنطقية، تبدو هذه الطريقة محفوفة بالمخاطر، نظرا لأن اللاعبين مهددون في أي وقت لخطر الإصابات أو الإيقاف، ما يستدعي وجود البديل الجاهز القادر على تعويض اللاعب الأساسي المبتعد عن صفوف الفريق.

التجارب أثبتت أن الفريق الحالي اعتاد عامل الانسجام بين اللاعبين الأساسيين الموجودين في الفريق، خصوصا وأنهم مقبلون على مشاركة تاريخية في مونديال 2026، حيث يركز المدرب على التشكيلة الأساسية من دون إجراء أي تعديلات عليها إلا في حال غياب لاعب ما بسبب الإصابة، ثم يقوم في وقت متأخر من المباريات، بإجراء التبديلات التي غالبا ما يكون الهدف منها حماية الأساسيين من الإرهاق والتعب، خصوصا في حال كان المدرب مطمئنا على النتيجة.

هذه الطريقة ورثها سلامي من مواطنه المدير الفني السابق للمنتخب الوطني الحسين عموتة، الذي اعتاد، خلال فترة توليه للفريق، إجراء تبديلات قليلة في الدقائق العشر الأخيرة من عمر المباريات، وهو ما وضعه في مرمى الانتقادات في الفترة التي سبقت نهائيات كأس آسيا الأخيرة بسبب تردي النتائج، قبل أن يرد على هذه الانتقادات بنتائج مميزة في النهائيات القارية، صعدت بفريقه إلى المباراة النهائية قبل الخسارة (1-3) أمام قطر.

ومع انتهاج سلامي الطريقة ذاتها في تصفيات كأس العالم 2026 وخلال المباريات الودية أيضا، بدأ الجمهور يعتاد هذه الظاهرة، داعما المدرب وقراراته باعتبارها الأنسب لقدرات اللاعبين في الفترة الحالية، معللا ذلك بتفاوت المستويات والقدرات بين اللاعب الأساسي والبديل، أو اللاعب المحلي وذلك الذي يلعب في دوريات خارجية.

الوفاق بين الجمهور والمدرب بات واضحا للعيان، بيد أن مركزا واحدا بات يشكل قلقا لدور المتابعين، ليس لأن صاحبه متفاوت في الأداء، بل لأن المركز ذاته له حساسية خاصة.

لا يختلف اثنان على الحضور المميز لحارس مرمى المنتخب الوطني يزيد أبو ليلى في الأعوام الثلاثة الأخيرة، حيث تحول إلى ركيزة أساسية لا غنى عنها في صفوف «النشامى»، ونال الإشادة من جمهور كرة القدم الآسيوية لما قدمه من مستويات مميزة، كما أنه نقل تألقه هذا إلى فريقه الحالي الحسين إربد، ليكتسب خلال العام الحالي ميزة الثبات في المستوى؛ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ماذا لو -لا قدر الله- تعرض أبو ليلى للإصابة خلال الأشهر التسعة المقبلة؟.

يشارك أبو ليلى بانتظام في المباريات النافسية والودية من دون انقطاع مع المنتخب الوطني، وهو أيضا الحارس الأساسي للحسين إربد الذي يخوض موسما استثنائيا في دوري أندية المحترفين المكون من 27 جولة، إلى جانب مشاركة «غزاة الشمال» في مسابقة دوري أبطال آسيا 2.

واستدعى سلامي إلى جانب أبو ليلى خلال فترة التجمع الأخيرة هذا الشهر، كلا من الحارسين نور بني عطية (الفيصلي) ومالك شلبية (الرمثا)، لكن حامي عرين الحسين إربد لعب المباراتين الوديتين كاملتين أمام روسيا (0-0) والدومينيكان (3-0).

هذا الإلحاح على إشراك أبو ليلى في المباريات كافة، يرسم علامات استفهام حول سياسة الجهاز الفني في المباريات الودية، ومع ازدحام جدول أبو ليلى بالمباريات في جميع البطولات، فإن تعرضه للإنهاك بدنيا أمر وارد، حتى وإن كان حارس المرمى يبذل جهدا بدنيا أقل من اللاعبين الميدانيين؛ وإذا ابتعد أبو ليلى لسبب من الأسباب، كيف سيتصرف الجهاز الفني بقيادة سلامي؟.

لا توجد أي شكوك حول قدرات بني عطية وشلبية، وهناك أيضا حراس آخرون مميزون في دوري «المحترفين»، أمثال محمد العمواسي (السلط) الذي انضم إلى المنتخب في فترات عديدة ماضية، لكن الانتقال للعب من الدوري المحلي إلى مباريات دولية مع منتخبات كبيرة يحتاج إلى إعداد مثالي على الصعيدين الفني والنفسي، خصوصا أن هؤلاء الحراس غير معتادين على خوض مثل هذه المباريات التي تتميز بهالة ضخمة حولها قد تغرس عامل الرهبة في نفوس اللاعبين أصحاب الخبرات الدولية شبه المعدومة.

والسؤال الأبرز، ماذا لو طرد أبو ليلى في المونديال؟ هل سيكون خليفته قادرا على سد الفراغ رغم أنه غير معتاد على أجواء المناسبات الكبيرة؟، هذه التساؤلات تفرض على الجهاز الفني منح الحارسين الاحتياطيين بعض الوقت خلال فترة الإعداد، ابتداء من المباراتين الوديتين المقبلتين أمام بوليفيا وألبانيا الشهر المقبل، علما أن أربع مباريات أخرى تنتظر «النشامى» في شهري تشرين الثاني (نوفمبر) وآذار (مارس) المقبلين، إلى جانب منافسات كأس العرب في كانون الأول (ديسمبر)، ومباراتين أو ثلاث مباريات في نهاية أيار (مايو) وأوائل حزيران (يونيو)، وهي الفترة التي تسبق انطلاق كأس العالم.

وإلى جانب مسألة الحراس، هناك تساؤل آخر يحتاج للإجابة، متعلق باللاعبين الشبان الذين أثبتوا إمكانياتهم الفذة في الفترة الماضية.

من المعروف أن قائمة كل منتخب في نهائيات كأس العالم، ستتكون من 26 لاعبا، وفي المنتخب الوطني هناك 11 لاعبا لا يمكن المساس بهم، إضافة إلى 4 لاعبين يعتبرون البدلاء الذين يفضلهم سلامي على غيرهم، ما يعني أن هناك 11 لاعبا بالكاد يحصلون على أي فرصة خلال المباريات المختلفة.

قوائم السلامي عبر النوافذ الماضية، لا تخلو من الانتقادات، فهناك من يطالب بعودة يوسف أبو جلبوش وأحمد العرسان، وهناك من ينادي بضرورة ضم خالد زكريا، بيد أن أيا من كان سيستدعيه المدرب، لن يحصل على الفرصة المنتظرة، إلا في حال تعرض كم كبير من اللاعبين الأساسين للإصابة، وهو أمر يتفهمه الجمهور تماما. 

لكن الأمر مختلف تماما بالنسبة للاعبين الشبان، لأن مجرد وجودهم إلى جانب زملائهم الكبار في المعسكرات أو حتى النهائيات العالمية، سيمنحهم الزخم المطلوب لمواصلة تطورهم.

وبرز على مدار العامين الأخيرين، اسم المهاجم إبراهيم صبرة، الذي تحول إلى واحد من أبرز اللاعبين الشبان في الملاعب الأردنية خلال العقدين الأخيرين، بالنظر إلى قدراته البدنية الاستثنائية وإمكانياته الفنية التي تميزه عن غيره.

انضم صبرة إلى المنتخب الوطني في مناسبات سابقة، بيد أنه عاد في فترة التجمع الأخيرة إلى صفوف المنتخب الأولمبي، لخوض تصفيات بطولة آسيا لمنتخبات تحت 23 عاما، وهي التصفيات التي لا تحتاج أساسا لجهد استثنائي من أجل ضمان التأهل بالنظر إلى فوارق المستويات مع المنتخبات الأخرى.

تأهل المنتخب الأولمبي إلى النهائيات، بيد أن البطولة المقبلة ليست مؤهلة إلى بطولة أخرى، ما يعني أنها لن تضيف الكثير إلى السيرة الذاتية للاعب مثل صبرة، الذي تمكن قبل أيام من افتتاح سجله التهديفي في دوري السوبر التركي بهدف مذهل في شباك العريق بشيكتاش.

وهناك لاعب شاب آخر نقل أداؤه إلى مستوى آخر في الفترة الماضية، وهو نجم الحسين إربد عودة فاخوري، الذي يعد من أميز لاعبي دوري المحترفين هذا الموسم.

هذا اللاعب المثابر صاحب الإمكانيات الفنية الرفيعة، عبر عن نفسه بأفضل طريقة ممكنة منذ بداية الموسم، وتحول إلى ركيزة أساسية في صفوف فريقه، وتمتع بنضج فني قلما يتوفر في لاعبين محليين من جيله، وبدلا من أن يتواجد في التجمع الأخير مع المنتخب الأول، انضم إلى المنتخب الأولمبي حيث تألق هناك وفرض حضوره كأفضل لاعبي الفريق في التصفيات.

الهدف من تجربة المنتخب الأولمبي، هو المساعدة في إعداد جيل جديد من اللاعبين يمكنه خدمة المنتخب الأول في السنوات المقبلة، وكان الأجدر ضم صبرة وفاخوري إلى المنتخب الأول، مقابل منح لاعبين شابين آخرين فرصة الالتحاق بالتصفيات الآسيوية.

ومع صغر سن اللاعبين الاثنين، فإنه باستطاعتهما التواجد في المونديال المقبل، على أن يعودا إلى منتخب 23 سنة لاحقا بعد اكتساب خبرة إضافية، تساعد الفريق في تحقيق حلم التأهل إلى الأولمبياد المقبل.

المريح في هذه النقطة، أن هذين اللاعبين لن يأخذا فرصة غيرهما، فهما من الناحية الفنية أحق من غيرهما في التواجد بكأس العالم عطفا على المستويات المقدمة، في وقت تتبدل فيه أسماء اللاعبين الذين يكملون عقد القائمة من دون وجود أي دور لهم.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير