جفرا نيوز -
بقلم - رامي رحاب العزة
لم يكن وصول سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى عمّان حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، بل كان رسالة سياسية وأمنية عميقة، اختار فيها أمير قطر أن يجعل الأردن المحطة الأولى بعد العدوان على الدوحة، ليقول للعالم إن من يطلب الثبات في زمن العواصف عليه أن يقف عند باب الأردن. فمنذ عقود شكّل جلالة الملك عبد الله الثاني مركز التوازن الإقليمي وصوت الحكمة حين يضيع صوت العقل وضمانة الأمن حين يتصدّع جدار الأمان، وفي لحظات الأزمات الكبرى كان الملك حاضرًا ليس فقط للدفاع عن الأردن بل عن الأمة جمعاء.
إن زيارة الشيخ تميم لم تكن فقط لتأكيد العلاقة الثنائية، بل لتكريس الاعتراف بدور الأردن كشريك لا غنى عنه في حماية الأمن العربي، فالأردن لم يكن يومًا متفرجًا بل لاعبًا أساسيًا يقف في الصفوف الأمامية لحماية الاستقرار. ولا يمكن أن يُذكر موقف الأردن تجاه قطر دون التوقف عند الدور الريادي لولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، الذي كان أول زعيم عربي يزور الدوحة بعد العدوان، في إشارة واضحة إلى أن الأردن لا يتأخر عن أشقائه بل يسبق بخطوة ليضع بصمة الشرف والوفاء في أصعب اللحظات، فهذه المبادرة لم تكن دبلوماسية شكلية بل كانت تعبيرًا صادقًا أن أمن قطر من أمن الأردن وأن أي استهداف لأشقائنا في الخليج هو استهداف مباشر لكل بيت أردني.
والأردن لا يعرف سياسة المواقف الرمادية، فعندما يشتد الخطر يكون موقفه واضحًا: نقف مع الحق وندافع عن إخوتنا، واليوم أثبتت عمّان أنها ليست فقط عاصمة الأردن بل عاصمة للثقة تُقصد حين يُبحث عن الصدق والثبات. الزيارة إذن ليست مجرد اجتماع على طاولة بل إعلان أن الأردن هو صوت الضمير العربي وأن قيادته اختارت طريق الكرامة والوفاء طريقًا لا تحيد عنه، واليوم حين نتأمل هذه اللحظة ندرك أن التاريخ سيكتب أن الشيخ تميم جاء إلى عمّان لا لأنها الأقرب جغرافيًا بل لأنها الأقرب معنويًا وأمنيًا وسياسيًا، وسيكتب أن الأردن كان الملاذ وكان السند وكان الجسر الذي عبرت عليه رسالة التضامن العربي في زمن الخطر، ولذلك نقول بثقة: من أراد الأمان فليعلم أن أمان قطر هو أمان الأردن وأن الأردن لم ولن يخذل أشقاءه يومًا.