جفرا نيوز -
خاص
بعد مرور ما يقارب خمسة وخمسين يومًا على قرار الحكومة بحل المجالس البلدية ومجالس المحافظات، وما شاب ذلك من شبهات دستورية وقانونية من جهة ، وما قيل ووصف عن تنفيعات ومحسوبيات وعلاقات شخصية تمت في تعيينات بعض اللجان من جهة أخرى ، بدأت أصوات المواطنين تتعالى من سوء إدارة بعض تلك اللجان ، وإغلاق أبوابهم أمام المراجعين، وتعطيل معاملاتهم المحلية والتنظيمية والخدمية، ووقف العطاءات ، ومشاريع المجالس البلدية كافة ممن سبقهم ، باستثناء ملفي النظافة، والصدام مع الموظفين بطريقة الوعيد والتهديد.
بعض اللجان وما شابها من وضع شخصيات لها علاقات وطيدة مع الوزير، تعكف على العمل لتشويه أعمال المجالس البلدية السابقة والتي أتت بظرف صعب جدًا ، بعد أزمة كورونا امتداد للجان لأكثر من عام ، وما خلف ذلك من ترهل إداري وعجز مالي تعاملت معه المجالس المنتخبة بكل شجاعة، رغم عدم وجود أي نوع من أنواع الدعم من الوزارة التي تستحوذ على الإيرادات المالية للبلديات كافة، في المقابل تقوم الحكومة وبمؤسساتها كافة بدعم اللجان المؤقتة فنيًا وماليًا ولوجستيًا ورسخت كل آليات وكوادر أمانة عمّان، والأشغال ومجالس الخدمات المشتركة حتى الحكام الإداريين؛ لدعم تلك اللجان والهدف واحد، وهو إثبات صحة قرار وزير الإدارة المحلية بحل المجالس وكثر من المراقبين والمتابعين للشأن الحكومي، يعلمون أن الوزير المصري قدم تلك المجالس قربانا لبقائه في موقعه بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى من مغادرته؛ لعدم قدرته على حل مشاكل البلديات وعدم انسجامه مع الرؤساء المنتخبين بل وتوريطه للحكومة بقرض تجاوز خمسين مليونا لسداد ديون المقاولين.
فلم يجد مخرجا سوى بالانقلاب على الديمقراطية، وحل المجالس قبل مدتها بعشرة أشهر ، متعاونا بذلك مع مؤسسة غير رسمية لإصدار تقرير يُدين البلديات، واعتماده على تقرير آخر لهيئة النزاهة لا يعد قطعيًا، خاصة وأن القرار وفيصله يعود بما ذكر فيه للقضاء وحده، ناهيك أن الوزير إذا ما اتفقنا جدلا على صحة كلامه يتحمل المسؤولية المشتركة ، حيث لا قرار يتعلق ماليًا أو فيما يتعلق بالموازنات او العطاءات أو حتى بالموظفين إداريًا لا يمكن أن يمر إلا بموافقته شخصيًا حسب القانون، وبالتالي اطلاعه التام على كل ما يحصل ماليًا وإداريًا وما يحصل يتم بموافقته، باستثناء أمور ربما يشوبها تجاوزات أو فساد يحدث هنا أو هناك.
ما يحصل اليوم في ملف الإدارة المحلية، وما يتم الترويج له من الوزير أو بعض من رؤساء اللجان المؤقتة بأن لا انتخابات قبل عامين أو أكثر، وما يتم ترويجه بأن تعيينات للرؤساء قد تتم ، لهو مؤشر خطير يعاكس توجه الدولة وجلالة الملك ويعد انقلابا على الديمقراطية وكل ما نتج عن عملية التحديث السياسي، وحتى على ما جاء في كتاب التكليف السامي لحكومة الرئيس جعفر حسان، والذي كان واضحًا رغبة الملك بتطوير تشريعات الإدارة المحلية ، وإجراء الانتخابات وفقها وليس عكس ذلك
ونذكر هنا بما جاء في كتاب التكليف حول هذا الأمر :" لا بد من العمل على الإعداد للانتخابات المحلية القادمة، وهذا يتطلب مراجعة وتجويد منظومة التشريعات المتعلقة بها؛ لتمكين هياكل الإدارة المحلية من القيام بدورها التنموي والخدمي على أفضل وجه، وتطوير أدوات الرقابة والمساءلة، وبناء قدرات أعضاء وموظفي هياكل الإدارة المحلية، ومواكبة مشروع التحول الرقمي، ولا بد من تمكين المواطنين من المشاركة في تحديد الأولويات التنموية على المستوى المحلي ، ومواءمتها مع أولويات رؤية التحديث الاقتصادي؛ تحقيقًا للتناغم بينها، وبما يضمن التوزيع الأمثل والأكثر عدالة لمكتسبات التنمية.
وهنا يبدو التكليف واضحًا بلا شك على إجراء انتخابات وفق القانون والدستور، وليس الانقلاب على الديمقراطية والتأجيل ، والانتخابات لا تعني التعيين يا دولة الرئيس كما يروج لها البعض ويريد لمصالح شخصية ، وتنفيعات شاهدها الأردنيون في بعض اللجان المؤقتة، ونود أيضًا أن نعيد التذكير لدولة الرئيس وهو من شغل موقع مدير مكتب جلالة الملك برده والحكومة على كتاب التكليف السامي حول ملف الإدارة المحلية وذلك قبل عام إلا أسبوعين : ستبدأ الحكومة بدراسة التشريعات المتعلقة بالإدارة المحلية للتَّحضير لانتخابات المجالس البلديَّة ومجالس المحافظات القادمة، وذلك بالاستناد إلى مخرجات لجنة التحديث السياسي والتوصيات ذات العلاقة؛ فللبلديَّات ومجالس المحافظات دور أساسي في التَّنمية والنهوض بواقع الخدمات وتلبية احتياجات المواطنين ، وتحديد أولوياتهم التَّنموية.
لنتساءل بعد ذلك , لماذا تصمت الحكومة عن مشروع القانون إن وجد ، ولماذا لم يتم إجراء حوار وطني له أو على الأقل مع الأحزاب والجهات المختصة ، ولماذا لم تقر الحكومة مسودة مشروع القانون رغم مرور عام على وجودها، ورغم حل المجالس البلدية بلا مبرر أو مسوغ دستوري أو قانوني؛ حيث سيبقى هذا القرار الانقلابي على الديمقراطية مثلبة في تاريخ حكومة الرئيس حسان سيذكرها التاريخ بعد المئوية الأولى وفي أوج ، وعصر التحديث السياسي.
فعلى دولة الرئيس الذي علمنا عنه جديته بالتطوير والتحديث وتطبيق القانون ، وقربه من جلالة الملك رئيسًا لحكومته أو ومديرًا سابقًا لمكتبه، أن يقطع أي طريق على انقلابيي الديمقراطية ، وأن يخرج بتصريح حكومي واضح حول القانون وموعد الانتخابات ؛ درءًا لأي تأويلات أو تحليلات أو توجهات لوزير أو غيره.
البلديات مؤسسات مهمة وكانت دومًا الدرع للوطن كما نظرائها من الوزارات الخدمية في كل الظروف الطارئة وغيرها، وهي أساس الحكم المحلي بلا منازع، فإطالة مُدد اللجان هو انتكاسة للعمل البلدي مهما حاول الوزير أو الحكومة دعمها أو تجميل صورتها، وكان الأجدى العمل على تشريع يرفع من سوية أعمالها وتمكينها لخدمة المواطن إداريًا وماليًا ورقابيًا، وإجراء الانتخابات في موعدها؛ حفاظًا على ما تبقى من ثقة للمواطن من جهة ، وحفاظًا على مسيرة التحديث السياسي من جهة أخرى .
فهل سنشهد انفتاحًا وتوضيحًا وإعلانًا قريبًا ، وتبدأ الحكومة بتقديم ردها العملي في هذا الملف على كتاب التكليف السامي، أم ستنجح بعض التوجهات في الحكومة بتعطيل تنفيذ توجيهات جلالة الملك بإجراء الانتخابات؟؟