جفرا نيوز -
بقلم- محمود خطاطبة
منذ لجوء الأردن إلى صندوق النقد الدولي، في العام 1989، بهدف تغطية مشاريع تنموية، والحفاظ على مُستوى مُعين من النمو الاقتصادي، والويلات تتابع على الوطن والمواطن، وفي حال تقدمنا خطوة إلى الأمام نتراجع خطوات، بسبب سياسات أو توصيات أو شروط هذا الصندوق.
تدخلات هذا الصندوق في إعادة هيكلة الاقتصاد الأردني، أثرت بطريقة أو أُخرى على زيادة مُعدلات البطالة، والتي كانت تبلغ نحو 8 بالمائة في تسعينيات القرن الماضي، في حين أنها وصلت إلى ما يقرب من الـ23 بالمائة هذه الأيام، وبالتالي زيادة درجات الفقر.
اليوم، يؤكد "النقد الدولي" بأن قانون الضمان الاجتماعي في الأردن بـ"حاجة ماسة إلى إصلاح هيكلي، لضمان استدامته المالية على المدى الطويل"، علمًا بأن الصندوق نفسه هو من أوصى بإجراء تعديلات جذرية على هذا القانون، وقبل وبعد ذلك كان وما يزال "كريمًا" بإصدار توصيات إلى الحُكومة، بحجة إنقاذ الاقتصاد تارة، والحفاظ على مُستوى معيشة المواطن تارة ثانية.
ومعلوم أيضًا بأن صندوق النقد الدولي هو من أوصى بضرورة تخفيض فاتورة رواتب القطاع العام، حيث لجأت الحُكومات المُتعاقبة إلى تسريح الموظفين على نظام التقاعد المُبكر.. والأمر المُستغرب أن المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي هي من تؤكد حاليًا بأن التقاعد المُبكر سيؤثر سلبًا على المركز المالي لـ"الضمان"، بينما الحُكومة ماضية، بلا أي اهتمام، بإحالة آلاف الموظفين إلى التقاعد المُبكر، والأكثر رُعبًا أن تصل هذه "العدوى" إلى القطاع الخاص.
الأردن يُعاني من نقص في الموارد، طبعًا حسب التصريحات الحُكومية، ويعتمد بشكل كبير على المُساعدات المالية الخارجية، إلا أنه فشل وبشكل ذريع في تطوير نظام اقتصادي قادر على مواجهة الصعوبات والمُعيقات أو الأزمات التي تعصف كُل فترة وأُخرى، وبالتالي "التحرر" من المؤسسات المالية الدولية، وعلى رأسها صندوق النقد والبنك الدوليين.
كما فشلت الحُكومات المُتعاقبة من إبعاد صندوق الضمان، الذي يُعتبر "تحويشة" الأردنيين، والمصدر الأول لحمايتهم، خصوصًا في خريف أعمارهم، عن دائرة الخطر، فها هو "النقد الدولي" يقول إن "الفوائض المالية الناتجة عن الاشتراكات ستتقلص تدريجيًا، وأنها لن تكون كافية لضمان الاستدامة المالية للمؤسسة".
أخشى أن يكون مصير الضمان الاجتماعي، تمامًا مثل البطالة، فبعد عقود من الاعتماد على "الشؤم الدولي"، لم يشهد الأردني أي تحسن يُذكر في معيشته، وبقيت مُعدلات الفقر والبطالة في تزايد مُستمر، وما يزال المواطن يُمني النفس بوضع معيشي أفضل وحماية لحقوقه.
معلوم، بأن صندوق النقد الدولي يشترط عدة شروط على الدولة، مُقابل ما يُقدم لها من قروض أو حتى مُساعدات مالية، ومن أهم هذه الشروط رفع الدعم عن السلع الأساسية، فرض سياسات ضريبة غير عادلة، ومن ثم خصخصة أصول مملكوكة للدولة.. طبعًا ذلك يُنفذ على حساب المواطن،
الذي سيكون مُجبرًا على تنفيذ سياسات تقشفية.
خاتمة القول، إن الاعتماد على سياسات "النقد الدولي"، أدت إلى بقاء المُعضلات الاقتصادية بلا حلول جذرية، وتضاعف الدين العام، وتزايُد عجز الموازنة عامًا بعد عام، وأرقام الفقر في "العلالي"، ومُعدلات البطالة وصلت إلى درجة خطيرة.
والخوف هُنا، أن يكون مصير "الضمان الاجتماعي" في حال طبق توصيات "النقد الدولي"، كمصير البطالة والفقر والاقتصاد بشكل عام، عندما لجأنا قبل أكثر من ثلاثة عقود إلى هذا الصندوق.. يكفي أن نتذكر أنه بسبب "توصياته" أصبحت نسبة الديون الحُكومية من أموال الضمان الاجتماعي 64 بالمائة.
نعم خوف، فما يتم تسريبه من معلومات حول إجراء تعديلات على قانون الضمان (للعلم آخر تعديل لم يمض عليه أشهر)، يدب الرُعب في النفوس، وإن لم يكن كذلك فإن سيكون على حساب المواطن، وكالعادة أصحاب رؤوس الأموال بعيدين كُل البعد على سلبيات ذلك.