النسخة الكاملة

«مْخامَسِة» افتراضيّة و»خْماسي» سيبراني!

الإثنين-2025-08-18 10:17 am
جفرا نيوز -
بشار جرار

«العين مغرفة الحكي». كلام الرجال تحديدا يقوم على النظر مباشرة في عين المعني، شريكا كان في حوار أو نقاش، سجال أو جدال، أو مجرد دردشة.

«اللبيب بالإشارة يفهم». لكن تلك المقولة لا تجدي نفعا مع بعض التصريحات الصادرة عن أشخاص من وراء حدود، لا يدركون عواقب أفعالهم حتى يعقلوا أوزان ما يقولون أمام الشاشات، أو يغردون عبر المنصات.  

لا يكاد يوم يمر، خاصة في مواسم الصيف والإجازات، والأزمات الحقيقية والمفتعلة، إلا ويعج الفضاء الأردني ويضج «التايم لاين» في العالم الافتراضي، بمحتويات شتى، منها ما يستحق «المْخامسة» أي المصافحة بأصابع اليد الخمسة، الممسكة بيد من يستحق السلام والمصافحة، فتشدّ من عزمه وتسنده وتشد على يديه الاثنتين، وإما ما يتطلب أشبه بما يكون «الخْماسي»، وهو لمن لا يفهم اللغة واللهجة ومفرداتها ومعنى الكلام، هو ذلك الكفّ، تلك الصفعة التي لها «رنّة» في دهاليز الأذن الوسطى وما وراءها عبر قناة استاكيوس، توبيخا لشخص معروف أو نكرة، على ما أتى به من فعل مُشين أو قول مَهين.

شخصيا، لا أحبّ بل وأمقت الرد على المسيئين، خاصة أولئك الذين يسيئون عن جهالة أو بنذالة. بعض المتطاولين على أردننا المفدى ومملكتنا الحبيبة العزيزة دائما بعون الله وهمّة الرجال الرجال، بعض أولئك التعساء الأشقياء، يتعمدون إطلاق مصفوفات كلامية -أو لعلها متلازمات- يراد منها ما هو أبعد من الإساءة الظاهرية. المستهدف هي ردود الأفعال التي تخدم المسيء من حيث لا يدري البعض. لذلك كان الرد الموزون والأكثر اتزانا، هو مسك زمام المبادرة لا استسهال ردود الأفعال على أقوال جوفاء خرقاء. هو ذلك «الخماسي» السيبراني الرد الشافي الكافي على المسيئين -على اختلاف مواقع تصريحاتهم ولغاتهم ولهجاتهم- دون استبعاد التنسيق المسبق أو التوظيف والتخديم اللاحق، ف»الطيور على أشكالها تقع»، سيما طيور الظلام، خفافيش العتمة «الخنفشراية»!

عوضا عن الرد المستفيض الذي يُسال عليه الحبر، وتبدد عليه ساعات ثمينة كان من الأفضل تكريسها لما يعني الأردنيين من  أولويات كالقضايا المعيشية الملحة والتنموية التي تنفع الناس ميدانيا، من صحة وإنتاج زراعي وصناعي، وتربية وتعليم واستثمار.

حبذا لو زوّدَنا النشامى الغيارى من المبدعين في التصميم الإلكتروني، خاصة في محتواه الساخر اللاذع الخالي من أي مطبّات قانونية عندنا أو «عندهم» أو عالميا، حبذا لو زودونا برسوم كاريكاتورية، بوسترات، فيديوهات قصيرة جدا أقل من ثلاثين ثانية، وما تسمى ب «غِفْسْ» وفي رواية أخرى -الأصلية- «جِفْسْ» وتعني صورا تعبيرية متحركة يتم تصميمها على نحو يحدث انطباعا شعوريا. ويا لها من «مْخامسة» افتراضية و»خماسي» سيبراني في الصميم، لو أضيفت إليها كلمة، كلمتان، أو بضع كلمات، لا تتجاوز أصابع اليد، تكون مستوحاة من موروثنا الروحي والشعبي، أو أعمال نجومنا الأردنيين أو العرب، أو اقتباس من مثل شعبي أردني أو آية قرآنية أو كتابية (من الكتاب المقدس) للرد باقتدار ووقار على المسيء، خاصة إن كانت الإساءة مزعومة في انتسابها لأي دين أو عقيدة وبأي لغة كُتبت حروفها من اليمين إلى اليسار أو العكس.

هذه الثغرة، ثغرة الاستدراج إلى ردود الأفعال، خطرة، سواء أكانت أهلية وعفوية أو غير ذلك. ثغرة تتطلب جهودا وخبرات تراكمية، ثقافية إعلامية قانونية، قادرة على التعامل مع أولئك الخبثاء، فلا نعطيهم أكبر من حجمهم ونساهم -عن غير قصد وبحسن نية ونُبل مقصد- في تحويل ترهاتهم إلى «ترند» يستحق «خْماسِيّاً» سيبرانيّاً، طبعا!  

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير