النسخة الكاملة

الكباريتي

Friday-2012-12-28 01:55 pm
جفرا نيوز - جفرا نيوز - دخل ميدان العمل السياسي في صفوفه الأولى ، بدون مقدمات ، هكذا يمكن وصف حركة الرئيس عبدالكريم الكباريتي الذي تسلم عدة حقائب وزارية عديدة أبرزها حقيبة الخارجية فيما تسلم كذلك حقيبتي السياحة والاثار والعمل في حكومات متعاقبة ، قبل ان يتسلم مفاتيح الدوار الرابع في منتصف التسعينات ، فالرجل كان تحت المجهر الذي كشف عن مواهبه وإمكانياته التي اهلته لدخول نادي رؤساء الحكومات منذ وقت مبكر.

من السياسيين القلائل الذين عرفوا دور الاعلام ووظيفته في ترويج الأفكار والمواقف ، ومن القلائل الذين أفردوا مساحة مهمة من وقتهم لرجال الاعلام ، ما ساعده في نسج علاقات طيبة مع الصحافيين من مختلف المسارب والاتجاهات.

لا يمكن الحديث عن فترة اقامة الرئيس ابي عون في الدوار الرابع ، دون الحديث عن التحديات الكبيرة التي واجهت حكومته ، لعل اشهرها ما بات يعرف في الاجندة الشعبية باسم "ثورة الخبز" لكن دهاء السياسي المتمرس ساعده في اجتياز تلك العقبة بأقل الخسائر.

وفي فترة اقامته في الدوار الرابع ايضا ، عمل ابو عون على كسر واحد من التابوهات التي كان الشارع يعتقد انها ثابتة ، حيث تحولت البوصلة السياسية الاردنية رسميا باتجاه دول الخليج العربي بشكل عام ، والكويت بشكل خاص ، بعد ان كانت مثبتة في اتجاه بغداد ، وهي مهمة لم تكن سهلة على الرئيس الذي كان المطلوب منه إعادة عقارب الساعة الى الوراء ، رغم كل العثرات التي تعترض طريقه ، واذا كان الرئيس عبد الكريم الكباريتي لم ينجح تماما في مسعاه في تلك المرحلة ، الا انه استطاع بمحاولته هذه كسر الكثير من الحواجز التي اقيمت في طريق العلاقة بين عمان والكويت.

ولأنه رجل مختلف ، كما ينظر اليه زملاؤه من كبار رواد النادي السياسي في الاردن ، فقد عرف جيدا اسرار العلاقة الوثيقة بين بوابتي السياسة والاقتصاد في الحياة العامة ، لذلك قادته خبرته ورؤيته وقدماه ، عند مغادرته لهيلمان السلطة في الدوار الرابع ، الى العمل في قيادة احدى اهم المؤسسات المصرفية في البلاد ، التي تعرف اتجاهات البوصلة السياسية وحجم تأثيرها ، فكان البنك الاردني الكويتي.

الرئيس ابو عون الذي ولد في عمان عام 1949 بدا حياته الوظيفية في القطاع المصرفي الخاص ، فيما عمل مستشارا ماليا لعدة سنوات في نيويورك قبل ان يعود الى عمان ويدخل ميدان العمل السياسي فيها.

خصوم ابي عون واصدقاؤه على حد سواء ، يعترفون بأن الرجل نجح في كسر العديد من التابوهات في السياسة الاردنية ، وقدم نفسه نموذجا مختلفا عن الذين سبقوه ، مؤكدا ان السياسة يصنعها رجال الدولة المجربون.

رغم الحديث عن "عقباوية" الرئيس ابي عون وجنوبيته البعيدة ، الا ان الرجل قدم نفسه عمانيا بامتياز ، حين صار احد اهم صانعي القرار السياسي والاقتصادي في الاردن.

عبدالكريم الكباريتي ما زال قادرا على اثارة الاسئلة حيثما حل ، وهي اسئلة تتخطى حدود المحرمات احيانا ، رغم ان الرجل يملك الاجابات التي يعتقد انها شافية.

لم يقطع خطوط اتصاله مع الاشخاص والقوى التي تقاطع معهم في المواقف والاجتهادات ، وظل مؤمنا بأن الحوار قادر دائما على تقريب المسافات وتحطيم الحواجز النفسية ، ويصفه المقربون منه بأنه محاور جيد ، ومستمع جيد ايضا ، لايمانه بأن الحقيقة ليست ملكا لطرف دون غيره.

يحرص على هندامه دائما ، لذلك لا يظهر ابو عون في الاماكن العامة الا انيقا ، وهي صورة ارتبطت بالرئيس الشاب الذي دخل بقوة لدار الرئاسة في منتصف العقد الماضي.

درس علم الجيولوجيا في الجامعة الاميركية في بيروت ولم يكمل دراسته فيها ، فذهب لدراسة ادارة الاعمال في الولايات المتحدة ، ولم تكن فترة اقامته في العاصمة اللبنانية مريحة تماما ، وقد حسم الرجل موقفه السياسي منذ وقت مبكر ، وظلت عمان حاضرة في وعيه رغم ابتعاده عنها ، لذلك عاد عبد الكريم الكباريتي وهو يعرف ان طريقه للسلطة بات معبدا وعليه اختيار البوابة التي يدخل منها ، فكان مجلس النواب المحطة البارزة في حياة السياسي الشاب المفعمة نفسه بطموح غير محدود ، حيث حجز مقعده في المجلسين الحادي عشر والثاني عشر ، وشكل حكومته عندما كان نائبا.

رغم ابتعاده عن مقدمة المشهد السياسي الراهن ، الا ان الرئيس عبدالكريم الكباريتي ، لم يغادر ميدان المعركة ، وظل حاضرا برأيه ومشورته وموقعه في مجلس الاعيان ، مسهما بشكل واضح في رسم السياسة الاقتصادية لوطن يسعى لتكريس موقعه اللائق تحت الشمس.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير