جفرا نيوز -
قال مدير مركز عزم للدراسات الإستراتيجية الدكتور عبدالله سرور الزعبي خلال حفل اشهار المركز والذي تم تحت رعاية رئيس اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية سمير الرفاعي.
قبل سنة وبضعة أشهر، كانت انطلاقة حزب عزم، وهو الذي اختار منذ البداية طريق التميز، وامن بان التميز لن يكون الا بطريقة التفكير المختلفة عن الاخرين، فجاءت فكرة انشاء مركز حزب عزم للدراسات الاستراتيجية، ليكون بمثابة العقل المفكر والضمير المعرفي للحزب، ورافعة للحوار الوطني وبوصلته الاستراتيجية لنقله الى جبهة الاشتباك الإيجابي مع كافة القضايا الوطنية.
هنا، قد يسأل البعض، لماذا نحتاج الى مركز للدراسات الاستراتيجية وهناك العديد منها، ونحن هنا لا نقلل من أهميتها ودورها، الا اننا في حزب عزم نؤمن بان الحزب السياسي الذي لا يستخدم الدراسات القائمة على البحث الاستقصائي والفكرية منها، فهو يرتجل ويسير في طريق المغامرة، والحزب الذي لا يمللك التحليل البحثي الحقيقي، يتحول حديثه الى نوع من الخطابة، والذي لا يملك العقول البحثية سينتهي بالتأكيد في قوائم الصمت الانتخابي.
في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ الدولة الأردنية، وفي ظل التحولات الكبرى التي تمر بها المنطقة، ومن منطلق ايماننا بان الأزمات لا تنشأ من فراغ، بل من بنية سياسية واجتماعية، حيث كنا نعتقد باننا نعيش في زمن السرعة الناتجة عن التسارع في التطور التكنولوجي، وهو الامر الطبيعي، الا اننا وجدنا أنفسنا ايضاً نعيش في زمن التسرع والانفعال والعاطفة والقرارات الارتجالية وقرارات إدارة الازمة، لا حلها وتفكيكها جذرياً، ومن هنا فان حزب عزم وجد من الضرورة اليوم ان يؤسس لعقل بحثي مستقل ليحدث نقلة نوعية من الشعبوية الى الاحتراف، ومن الانفعال الى الفعل الواعي، ومن إدارة الازمة لتفكيكها وإيجاد الحلول التطبيقية لها.
الحضور الكريم،
حزب عزم ناقش كافة القضايا في مكتبة السياسي وبالتشارك مع كتلته النيابية المقدرة والمشكورة على أدائها خلال الدورة الأولى لمجلس النواب، برئاسة سعادة الدكتور ايمن أبو هنية، والتي اوصلتنا جميعاً لقناعة باننا وحتى هذا اليوم، لا يكفي ان نقول باننا نمثل الناس، بل لقد وجد أصحاب السعادة والمكتب السياسي، بان التفكير بعمق نيابة عنهم ايضاً لا يكفي، بل نحن بحاجة الى تمكين القواعد الانتخابية من التفكير معنا واشراكهم بالقرار.
الحضور الكريم،
ان قرار انشاء مركز حزب عزم للدراسات الاستراتيجية، جاء ليس ليكون نافذة حزبية، بل كبنية معرفية، وجسر بين الفكر والسلطة وبين المعرفة والمجتمع بكافة فئاته.
وان هذا المركز الذي يعلن عن اشهاره اليوم تحت رعاية كريمة من دولتكم، لن يكون تقليدي، بل سيكون مختر سياسي تحليلي، ينبض بحس الواقع، ويتجاوز منطق الردود السريعة، ولن يكون تابعاً لخطاب بحد ذاته، بل سيكون ناقداً، إذا تطلب الامر ذلك، ومحايداً وبعيداً عن السطحية، ومنبراً نخبوي للجميع، قريباً من نبض الشارع.
كما ان المركز، لن يكون مختطفاً سياسياً بل منتج للفكر السياسي، ويعلي صوت القضايا الوطنية الكبرى في عصر إعادة تشكيل المنطقة والتكتلات التي لم تتضح صورتها بعد.
وبمعنى اخر سيكون المركز برؤيته ورسالته وقيمه، منبثقة من رؤية ورسالة وقيم حزب عزم، وعقلاً جمعياً، لا مجرد مستشار ظل، ومنصة للحقيقة، ورافعة للأسئلة لا للإجابات الجاهزة، وصوتاً لما لا يقال في الاعلام الرسمي، ولن يعمل على تكرار المألوف، بل تفكيكه وإعادة البناء بما يخدم الدولة الأردنية.
فرؤية المركز، التي هي مواكبة التغيرات على الساحة الوطنية والإقليمية والدولية والخطط التنموية الطموحة للدولة الأردنية، وتقديم الدعم للسياسات الوطنية والعمل على استشراق المستقبل وبناء اقتصاد قوي وتنافسي ومستدام في ظل التطور التكنولوجي المتسارع.
ورسالته، المساهمة الفاعلة في تقديم الحلول والطروحات لصناعة القرارات الوطنية التي تعزز من استقرار الدولة وتعمل على تحقيق اهداف التنمية المستدامة.
ولتنفيذ برامج المركز وخططه ولتحقيق غاياته الاستراتيجية، والمتمثلة في دعم السياسات والتشريعات والخطط التنموية التي تساهم في تحقيق اهداف الدولة الأردنية، ومراقبة وتقيم الأداء الناتج عن السياسات والخطط الحكومية وتطبيق مبدأ المسألة وزيادة الوعي لدى المواطنين حول أهمية القضايا الوطنية المختلفة، فقد ارتأى الحزب بان يتكون المركز من وحدات ودوائر رئيسية تكمل بعضها البعض.
فدائرة الدراسات السياسية، والتي ستعمل على البحث في كافة المواضيع ذات العلاقة، ومراقبة التغيرات والتحولات المحلية والإقليمية والدولية، ومدى تأثيرها على الساحة والسيادة الوطنية، اخذين بعين الاعتبار بان المشهد الأردني لا يمكن فصله عن التأثيرات الإقليمية والدولية، فالتحديات معقدة، والضغوط كبيرة، وتلقي بظلالها على قدرة الأردن في تنفيذ الإصلاحات المنشودة.
ودائرة الدراسات الاقتصادية، التي ستعنى بدراسات الأوضاع الاقتصادية، اخذت في عين الاعتبار بان، الازمات تتعمق، والتي يمكن اختصارها في كلمة السيولة (المائية ونحن الافقر على مستوى العالم وبفاقد يقدر ℅50، والنفطية ونحن الذين لم نقتنع بعد بضحالتها، والسيولة النقدية والتي هي نتيجة لأسباب مختلفة منها ارتفاع الدين العام، وضعف في الإنتاج المنافس وغيرها)، وان الخروج منها بحاجة الى إعادة توجيه البوصلة، والتي قد تكون نحو اقتصاد المعرفة والتي دعي اليها جلالة الملك منذ اكثر من عقدين من الزمن (ولدينا نماذج عالمية نجحت بذلك رغم انعدام الموارد الطبيعية لديها بالكامل)، القائم على التعليم، الا اننا ومع كل اسف نعيش اليوم ازمة تعليمية غير مسبوقة، تراجعت فيها الجودة والتي قد تؤدي الى ازمة في عقول الموارد البشرية والتي ستضاف الى ازمة الموارد، والاستثمار المنتج بشتى انواعه،
كما انه لمن الطبيعي هنا ان نسأل عن طبيعة وشكل الاقتصاد الأردني بعد الخروج من الاقتصاد الريعي الذي ساد لعقود.
ودائرة الدراسات الاجتماعية، والتي ستعنى بالدراسات الاجتماعية ومنها دراسة واقع الأجيال القادمة في ظل الرقمنة المتسارعة والذكاء الاصطناعي، وكيف ستكون علاقتها بالمواطنة والدين والمجتمع، وحزب عزم يعي بان الأزمات ليست مجرد أرقام أو مؤشرات اقتصادية، بل هي ظاهرة اجتماعية متجذرة تؤثر على الطبقات الأكثر هشاشة، حيث يتفاقم شعور الاغتراب لديها بتفاقم البطالة، ويزداد التوتر الاجتماعي، مما يشكل تهديدًا للأمن المجتمعي، إذا لم يُعالج بحلول شاملة وعميقة.
وان تقدم الدراسات لمثل هذه التغيرات الاجتماعية المتسارعة لتكون جهاز الإنذار المبكر، وان تساهم هذه الدائرة في انتاج خطاب بديل يتجاوز الجمود والتشكيك والاشاعة، عن طريق طرح الحقائق، ومن منطلق ان أعظم خطيئة بحق العقل البشري هي تصديق الأشياء بدون دليل.
ودائرة قياس الراي والدراسات الإعلامية ووحدة البيانات والمعلومات، والتي ستكون بمثابة قاعدة بيانات للحزب مشتبكة مع قواعد بيانات المؤسسات الرسمية والوطنية الأخرى، للعودة اليها كذاكرة وطنية، ولكي لا نكرر أنفسنا بين الحين والأخر، كما يحدث احياناً.
اليوم حزب عزم، وبكافة كوادره، يسعى لتحقيق اهداف التنمية السياسية والإصلاح الإداري والرؤية الاقتصادية، يبرز امامنا، السؤال الوجودي، كيف يمكن لنا ذلك، في ظل فاقد تعليمي حوالي 52℅ وفقر تعليمي تجاوز 60℅، ونزاهة اكاديمية مقلقة، وخريجين بشهادات دون المهارات الحياتية المطلوبة، ولذلك، جاءت فكرة انشاء اكاديمية حزب عزم التثقيفية لإكساب الشباب المهارات التي يحتاجونها في حياتهم السياسية والاجتماعية.
حمى الله الاردن ليبقى قوي عزيزا شامخا تحت الراية الهاشمية وحفظ جلالة الملك وولي العهد