هل سبق أن رأيتم لصًا يُعاتب لأنه لم يسرق بما فيه الكفاية؟ أو تاجرًا يُنتقد لأنه لم يُغلق دكانه في وجه الجائعين؟ أو طبيبًا يُشهر به لأنه داوى مريضًا لا يملك ثمن العلاج؟
مرحبًا بكم في عالم الأردن… الدولة التي إذا قدّمت تُهاجَم، وإذا صمتت يُشتم صمتها، وإذا تحركت قيل لماذا أنتم تتحركون؟
أرسل الأردن شاحنات إلى غزة، فتحوا عليه أبواب جهنم الإعلامية!
قالوا: "وماذا عن الداخل الأردني؟”
وكأن الدول التي لم ترسل شيئًا… قد حوّلت شعوبها إلى سويسرا!
المفارقة العجيبة أن بعض من يهاجمون الأردن اليوم، لم يرسلوا قنينة ماء إلى غزة، ولا حتى تغريدة تضامن، ولكن لديهم وقت كافٍ لينظّروا ويُحاضروا في الوطنية والكرامة والبطولة.
هل المطلوب من الأردن أن يغلق بواباته أمام الموت الجماعي في غزة، حتى يرضى عنه المتفرجون؟
هل عليه أن يقف في طابور "اللامبالاة العربي” حتى لا يتهم بأنه يغرد خارج السرب؟
هل يجب على الأردني أن يتنكر لأخيه الفلسطيني حتى يُقال عنه "موضوعي ومحايد”؟
الأردن لا يملك ثروات الدول ولا نفوذ بعض العواصم، ولكنه يملك شيئًا لا يُشترى:
ضمير حي، وشرف لا يُباع، وتاريخ لا يخجل منه.
نعم، نحن نعاني اقتصاديًا، ونعرف أن رواتب الموظفين تتأخر، وأن الأسعار تزداد، وأن الضغط ينهكنا جميعًا، لكننا رغم ذلك نُرسل ونُساعد ونُضمد الجراح… لأننا ببساطة: "مش ناقصنا إنسانية”.
الغريب أن الحملة على الأردن لا تأتي ممن يتألم معنا، بل من أولئك الذين لا يتألمون أصلًا.
هم يريدوننا أن نُشبههم في البرود، في الجفاء، في الحسابات الباردة.