العبادة لا تستقيم في ظل الجوع والخوف

بقلم المحامي محمود الهميسات 

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى:

﴿فليعبدوا ربّ هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف﴾ [سورة قريش].

إنّ هذه الآية الكريمة ليست فقط تذكيرا بنعمة الله على قريش بل مبدأ إلهي خالد يُرشد الأمم إلى أولويات الاستقرار ويعلي من شأن المسؤولية السياسية والاجتماعية تجاه الناس فحين ربط الله عزّ وجلّ عبادته بتحقق شرطين جوهريين: الأمن من الخوف والطعام في وجه الجوع فإنه بذلك أسس لمعادلة صريحة:

لا يمكن للعبادة أن تزدهر ولا للقيم أن تترسخ ولا للوطن أن ينهض في ظل جوع ينهش الكرامة وخوف يقض مضاجع الناس.

 دولة الرئيس الحكومات تُحاسب وتُسائل ولا تُقدس،،،

إن الجوع الذي نتحدث عنه اليوم ليس فقط جوع الخبز بل جوع الكرامة جوع العدالة جوع المساواة جوع الأمل هو جوع الشاب العاطل عن العمل في حي فقير هو وجع الأب الذي يقف عاجزا أمام دواء لا يستطيع شراءه هو إحباط الخريج المتفوق الذي لا يجد فرصة إلا بالواسطة والمحسوبية هو الخوف من المرض من الفقر من الغد من العجز من انهيار الثقة وإن الأمن الذي نتباهى به لا يقاس فقط بعدد نقاط التفتيش أو صمت الشوارع بل بقدرة المواطن على النوم مطمئنا أن أولاده لن يجوعوا غدا أن الكهرباء لن تفصل عنه أن الدولة ستقف بجانبه لا فوقه.

نذكر لا نُعاتب… ونُطالب لا نُهاجم نطالب بسياسات تحترم الإنسان الأردني قبل أن تستنزفه نطالب بمسؤولين يخشون الله لا يخافون النقد نطالب بإصلاح اقتصادي حقيقي لا مسكنات إعلامية نطالب بوطن نعيش فيه أحرارا لا مُستعبَدين بالقروض والضرائب نطالب بدولة تحمي مواطنها من الجوع قبل أن تطالبه بالصبر والخضوع.

يا دولة الرئيس،،،

إذا أردتم من الناس حبّ الوطن فاجعلوه وطنا يُحب وإذا أردتم منهم عبادة صادقة فحققوا لهم ما ربطه الله بالعبادة: الأمان من الخوف… والطعام في وجه الجوع وإلا فإننا نخشى أن نكون قد فرطنا فيما امر الله به من عدل وإنصاف.

اللهم إنا نشكو إليك ضعف الحال وقلة الحيلة اللهم احفظ الأردن أرضا وشعبا وقيادة وجعله عونا للضعيف وسندا للحق وبابا للعدل لا يُغلق واجعل أمنه دائما في علياء وارزقه من الخير والعدل والبركة ما تُطمئن به النفوس وتستقيم به القلوب.

وسلامٌ على الأردن ما دام فينا النبض… وما بقي في القلب حبٌّ لهذا الثرى الطاهر.