النسخة الكاملة

"الأعلى للإعلام " يستدعي مها الصغير ومنى الشاذلي

الأربعاء-2025-07-09 02:49 pm
جفرا نيوز -
 في خطوة عاجلة تعكس خطورة ما حدث، قرر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام استدعاء مسؤولي قناة «أون» وبرنامج «معكم» الذي تقدمه الإعلامية منى الشاذلي، على خلفية ما وصفه متابعون بأنه تعدٍ صارخ على حقوق الملكية الفكرية، إثر ظهور الإعلامية مها الصغير في إحدى حلقات البرنامج وهي تعرض مجموعة من اللوحات الفنية، منسوبة لنفسها، تبيّن لاحقاً أنها ليست من إبداعها.

تلك الحلقة التي قُدمت في أجواء احتفالية وامتداح واسع لما وُصف حينها بـ«موهبة مها الفنية»، تحولت في أيام قليلة إلى مركز عاصفة من الغضب، بعد أن خرجت فنانة تشكيلية دنماركية تُدعى ليزا لاش نيلسن بتصريحات عبر منصاتها الرسمية، تؤكد فيها أن إحدى اللوحات المعروضة هي عمل فني خاص بها أنجزته عام 2019، وحملت عنوان «صنعت لنفسي بعض الأجنحة».

وقد نشرت صورة للعمل على منصة قبل سنوات، مما وفّر الدليل القاطع على أسبقيتها.

ردة الفعل جاءت سريعة، ليس فقط من الفنانة الدنماركية، بل من جمهور واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اتُهِمت مها الصغير بـ»سرقة بصرية» مقصودة، خصوصًا أن اللوحات قُدمت بصفتها تعبيرًا عن معاناتها النفسية، ما يُعدّ نوعًا من الاستيلاء الرمزي على تجارب فنية وإنسانية لا تخصها. ما زاد من حدة الأزمة، أن فنانة ألمانية تُدعى كارولين وينديلين خرجت أيضًا بعد ذلك بأيام قليلة، لتؤكد أن إحدى لوحاتها، والتي سبق أن نشرتها على حساباتها، ظهرت كذلك ضمن الحلقة نفسها، ما يعزز من فرضية أن ما حدث لم يكن خطأ فردياً أو استثناءً عارضاً، بل نمطاً من الاستحواذ المتكرر على إبداعات فنانين عالميين دون إذن أو إشارة.

وبعد تفاقم الجدل، لم يجد المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بُدًا من التدخل، ليصدر بياناً يعلن فيه فتح تحقيق عاجل، واستدعاء المعنيين بالأمر، مطالباً القناة ومعدي البرنامج بتوضيح ما جرى، وما إذا كانت هناك رقابة تحرّرية على ما يُعرض من محتوى بصري داخل البرنامج، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بأعمال تنتمي لفنانين أجانب قد تترتب على استغلال أعمالهم تبعات قانونية دولية.

في الوقت نفسه، سعت مها الصغير إلى احتواء الموقف، فنشرت اعتذاراً علنياً عبر حسابها على فيسبوك، جاء فيه: «أنا غلطت… وغلطت في حق الفنانة الدنماركية ليزا، وفي حق كل الفنانين اللي بيشتغلوا وبيتعبوا… مروري بظروف صعبة لا يبرر اللي حصل، وأنا آسفة وزعلانة من نفسي».

ورغم صيغة الاعتذار العاطفية، اعتبر كثير من المتابعين أن الاعتراف لا يكفي، خصوصاً أن الحلقة لم تُصحّح علنًا، ولم يتم 
التنويه أثناء العرض بأن الأعمال المعروضة منسوبة لفنانين آخرين. كما أن مها لم تذكر أسماء الفنانين الذين نُسبت أعمالهم إليها، وهو ما وُصف بأنه محاولة لإغلاق الملف دون الاعتراف الكامل بحجم الضرر الذي تسببت فيه.

الإعلامية منى الشاذلي لم تلتزم الصمت بدورها، إذ نشرت بيانًا مقتضبًا على صفحات البرنامج الرسمية، أكدت فيه أن البرنامج 
يُقدّر الفن وأصحابه، ويحترم حقوق المبدعين، وأن ما حدث لم يكن معلومًا لفريق الإعداد، مشددة على أن ما عرض على الشاشة تمّ وفق ما قُدّم من ضيفتها، دون مراجعة مصادر الصور.

غير أن هذا التبرير لم يُرضِ كثيرين، فبرنامج بقيمة وانتشار «معكم» لا يُفترض أن يعرض لوحات على أنها أعمال شخصية دون التحقق من مصدرها، لا سيما في زمن الرقمنة، حيث يمكن التحقق بسهولة من أصول الصور ومدى تكرارها على المنصات الفنية.

قضية مها الصغير كشفت عن ثغرة خطيرة في التعامل الإعلامي مع حقوق الفنانين، وغياب التقدير الجاد للفن التشكيلي كملكية فكرية غير قابلة للاستباحة. كما أن محاولة بعض الشخصيات العامة استغلال معاناتهم الشخصية لنسج سرديات فنية مزعومة على أعمال غيرهم، يُعد سلوكًا يُفرغ الفن من معناه ويُضعف قيمة التعبير الصادق.

وفي حين رفضت الفنانة الدنماركية ليزا لاش الدخول في نزاع قانوني، مفضّلة أن تبقى في إطار التنويه بحقها الفني وفضح الواقعة، عبّرت عن استيائها من الطريقة التي تم فيها تقديم أعمالها دون إذن، لكنها في الوقت ذاته أثنت على رد فعل الجمهور المصري، واعتبرت أن دعمهم لها يعكس الوجه الحقيقي للثقافة المصرية المحبة للفن والعدالة.

أما المجلس الأعلى للإعلام، فما يزال التحقيق مفتوحًا لديه، وسط مطالبات بأن تكون هناك ضوابط جديدة لضمان عدم تكرار هذه الانتهاكات، ووضع معايير واضحة لعرض الأعمال الفنية في البرامج العامة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير