بدا ترمب في غاية الزهو وهو يتفقّد مرافق «ألكتراز التماسيح» الثلاثاء، ذلك المرفق الذي حوّله وبالتعاون مع حاكم ولايته، ولاية فلوريدا رون دي سانتس، إلى سجن ومركز ترحيل لعتاة المجرمين من المهاجرين غير الشرعيين، معظمهم من الذين تمت محاكمتهم وإدانتهم، ومنهم من تم إلقاء القبض عليهم مرارا وترحيلهم مرارا وتكرارا، دون جدوى.
الفكرة تولّدت من نموذج سابق تم تكريس فيلم له قبل عقود، ألا وهو «سجن ألكتراز» في جزيرة على المحيط الهادئ، قبالة مقاطعة سان فرانسيسكو ي ولاية كاليفورنيا جنوب غرب الولايات المتحدة.
الرسالة هي الردع والإشارة هي «نحن هنا»، عملا بمثل أمريكي من ال «وايلد ويست» -الغرب الجامح- بأن «هناك شِرِف -شريف أو مسؤول أمن- جديد في البلدة». نعلم أن كلمة «شِرِفْ» الأمريكية ذات أصول ساميّة عربية حيث يكون الحكم فيه والأمن مرتبط جوهره بمعاني وقيم الشرف والأخلاق الحميدة، والانضباط والحزم والشجاعة.
رسالة وإشارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في ثلاث حملات انتخابية واحدة، من حيث تركيزها على الداخل الأمريكي كأولوية، واعتباره الأمن فالاقتصاد أولى الأوليات لإنقاذ البلاد، وبالأخص هويتها الروحية والاجتماعية والثقافية من حيث عداؤه الجَسور لليسار المنحل المختل.
والمسألة ليست مجرد مكافحة جريمة، أو على نحو أدق مجمع من الجرائم البشعة، كالقتل والسلب والنهب بالترويع والاغتصاب والاتجار بالبشر والأعضاء البشرية والرق الجنسي وتصنيع وترويج السموم المسماة المخدرات. القضية أيضا قضية أمن بالمعنى العسكري والسياسي. كثير من المهاجرين غير الشرعيين الذين سيتم سجن خمسة آلاف منهم في «ألكتراز التماسيح» في الطريق إلى ترحيلهم إلى بلادهم الأصلية، أو إلى طرف ثالث كالسلفادور إثر اتفاقات «تحفيزية» مالية وسياسية، كثير من أولئك أفراد في تنظيمات شبه عسكرية، لا بل تفوق في توحشها العصابات الإرهابية والنظم المارقة. تم بالمعنى الحرفي للكلمة، الدفع بهم إلى أمريكا من مراكز سجون ومصحات عقلية ومراكز إدمان لتحقيق هدفين: التخلص مما كان يهدد أمن البلاد ويستنزف قدراتها، ونقلهم إلى أمريكا انطلاقا من معاداة تلك النظم والتنظيمات العصابية المسلحة لما تمثله بلاد العم سام من قيم وفرص لا مثيل لها.
وفكرة التماسيح المستخدمة كمانع رادع لمجرد التفكير في الفرار واستمرار حالة الردع النفسي وتصويب السلوك للمساجين ومن يسيرون على دروبهم الكارثية خارج السجن، وجدت من يحاربها لدى «اليسار» المتباكي هذه المرة على البيئة والتنوع البيئي لولاية فلوريدا!.
وبعيدا عن آلية وكذبة «القص واللصق» في نقل الأخبار، المدقق في «دموع التماسيح» هذه يرى أن دوافعها لا بيئية ولا إنسانية، إنما هي محض انتخابية وأحيانا مالية!.
بالتفاف اليسار المتطرف على قوانين الإقامة والهجرة والعمالة والتجنيس وحتى الإحصاء العام، أدخلت جماعات الضغط والمصالح الخاصة جميع المهاجرين، شرعيين وغير شرعيين، إلى قوائم الإحصاء العام بزعم أن ذلك لازم من النواحي التنموية، حتى يتم مراعاة التخطيط للخدمات الصحية والتعليمية! ليتبين فيما بعد أن ذلك سيؤثر على عدد ومساحة وحدود الدوائر الانتخابية، مما يعني مقاعد أكثر في مجلس النواب المحلي على مستوى الولاية والفدرالي على مستوى البلاد، الأمر الذي يصب دائما في صالح الحزب الذي يصر على فتح الحدود والذي أسفرت سياساته خلال السنوات الأربع الماضية إلى دخول ما لا يقل عن اثني عشر مليون نسمة وفي بعض التقديرات زادت على العشرين مليونا!.