النسخة الكاملة

لهذه الأسباب… إنقاذ السياحة الأردنية يحتاج إلى رؤية شاملة

الثلاثاء-2025-07-01 05:03 pm
جفرا نيوز -
اسامة ابو طالب 

أعلنت الحكومة مؤخرًا عن قرارها بتحمل كلف الفوائد المترتبة على القروض الجديدة الممنوحة لمكاتب وكلاء السياحة والفنادق السياحية (باستثناء الفنادق من فئة خمس نجوم)، شريطة تخصيص هذه القروض لتغطية رواتب وأجور العاملين، أو دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي لمدة ثلاثة أشهر.

لا شك أن هذا القرار يعكس التزام الحكومة ووعيها بأهمية دعم قطاع السياحة، الذي يُعد من أبرز القطاعات المساهمة في الاقتصاد الوطني وتوليد فرص العمل. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل يكفي هذا الدعم لمعالجة التحديات الجوهرية التي تواجه المنشآت السياحية اليوم؟

فالقطاع يواجه منذ أعوام تحديات أعمق من مجرد تغطية الرواتب والأجور لثلاثة أشهر. إذ يعاني من تراجع كبير في نسب الإشغال، ضعف الطلب، وتراكم التزامات مالية ضخمة تشمل تكاليف الطاقة، الإيجارات، الصيانة، والضرائب، وهي التزامات تشكل عبئًا يوميًا يهدد استدامة العمل في كثير من المنشآت. كما أن القرار الحكومي الأخير لم يعالج مشكلة القروض السابقة التي لجأت إليها المنشآت خلال العامين الماضيين، والتي تحولت إلى عبء ثقيل يحدّ من قدرتها على التعافي والنهوض مجددًا.

إضافة إلى ذلك، فرض شرط سداد القروض الجديدة خلال 24 شهرًا في ظل استمرار ضعف الإيرادات، يزيد من الأعباء المالية المستقبلية، بدلاً من التخفيف منها، ما قد يؤدي إلى مزيد من الإغلاقات وتسريح العمالة.

لذلك، يطالب القائمون على القطاع السياحي وممثلوه بضرورة اتخاذ حزمة إجراءات أشمل وأكثر مرونة، من أهمها:
• إعادة جدولة القروض القائمة بشروط ميسرة، مع فترات سماح كافية لتخفيف الضغط على المنشآت.
• تقديم منح مالية مباشرة (غير مستردة) للمنشآت الأكثر تضررًا، لدعم السيولة وضمان الاستمرارية.
• منح إعفاءات أو تخفيضات ضريبية ورسوم حكومية لمدة لا تقل عن عامين، لتقليل الأعباء الثابتة.
• دعم تكاليف التشغيل الأساسية، مثل الطاقة والصيانة، لتقليل الخسائر التشغيلية.
• إطلاق برامج تحفيزية فعّالة لتنشيط الطلب السياحي، داخليًا وخارجيًا.

وفي هذا السياق، تبرز "خطة التعافي والتحوّل السياحي الاستراتيجي” أو "البرنامج الوطني للتوازن والتمكين السياحي” كأمثلة على خطط شاملة وحلول علمية متكاملة، تستجيب لتحديات الواقع وتساهم في إعادة بناء القطاع بشكل مستدام.

كما تبرز أيضًا (خطة الجسر السياحي):
البرنامج الوطني لإنقاذ وتنشيط السياحة” كإحدى المبادرات العلمية المبتكرة التي تذهب أبعد من مجرد تقديم حلول وقتية، لتطرح رؤية استراتيجية بعيدة المدى.

تقوم هذه الخطة على تأسيس شركة حكومية مملوكة بالكامل لصندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، تعمل كحلقة وصل استراتيجية بين الفنادق ووكلاء السياحة، عبر توقيع عقود إشغال فندقي مسبقة ومدفوعة الثمن (Prepaid Hotel Allotment Contracts)، بالإضافة إلى شراء عقود تذاكر طيران مسبقة ومدفوعة الثمن (Prepaid Airline Ticket Contracts)، بحيث تتمكن الشركة من إدارة هذه العقود وإعادة بيعها بأسعار تنافسية في الأسواق المحلية والدولية.

وتهدف هذه الخطة إلى تحسين معدلات الإشغال، تعزيز الاستدامة المالية، وضمان تدفق السيولة للمنشآت الفندقية، مع خلق نظام تسويقي موحد وقوي يفتح آفاقًا جديدة للترويج للأردن كوجهة سياحية ميسورة وجاذبة في المنطقة.

ولا تقتصر الخطة على حل أزمة السيولة قصيرة المدى، بل تعتمد نموذجًا تشغيليًا طويل الأجل يضمن تكامل مصالح الفنادق، ووكلاء السياحة، والدولة، ويحفّز النمو المستدام عبر هيكل تشاركي يساهم في حماية الوظائف، تطوير جودة الخدمات، ودعم الاقتصاد الوطني ككل.

إن تبني مثل هذه المبادرات النوعية، كجزء من رؤية وطنية أشمل، يُعد خطوة جريئة وعلمية تضع الأردن في موقع تنافسي قوي، وتحوّل التحديات إلى فرص حقيقية للنمو والابتكار السياحي، بما يضمن استدامة هذا القطاع الحيوي ودوره الريادي في دعم الاقتصاد الوطني
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير