النسخة الكاملة

التفوق الاستخباراتي.. الأهم

الثلاثاء-2025-06-17 01:31 pm
جفرا نيوز -
محمود خطاطبة

بعيدا عن أي تحليلات عسكرية كانت أم استراتيجية، بشأن الضربات العسكرية المُتبادلة ما بين إيران والكيان الصهيوني، فهُناك خبراء ومختصون ومضطلعون بشأنها، أنا لست منهم، إذ صالوا وجالوا في ذلك، خصوصا أنني من المؤمنين حقا بمقولة تلك أمور لها أهلها.. إلا أنني أستطيع القول كما غيري، مما شاهدناه خلال الأيام الماضية، بأن هُناك اختراقات أمنية واستخباراتية لدى إيران، تكاد تكون شبه مكشوفة.  

لست بصدد عمل دعاية للكيان الغاصب، لكن عندما تنجح أجهزة مُخابراته واستخباراته في تحديد إحداثيات دقيقة لبطاريات الصواريخ والرادارات والمخازن الحساسة الإيرانية، وأماكن انتشار الطواقم الفنية المُشغلة للمنظومات، ومقرات قيادة وتحكم دفاع جوي، و‏منصات صواريخ مُتحركة وثابتة، و‏مُستودعات ذخيرة، ومراكز قيادة تابعة للحرس الثوري.. فإن كُل ذلك يدل على أن الكيان قد وصل إلى مرحلة مُتقدمة في العمل الاستخباراتي، بالإضافة إلى أنه يعمل ليل نهار، وبجد وبكل واقعية، من أجل معرفة كل «واردة وشاردة» عن عدوه أيا كان.

الجميع يعلم تفوق سلاح الجو لدولة الاحتلال الإسرائيلي، وما تدمير نحو 100 هدف عسكري ولوجستي أو تعطيله في غضون ساعتين، إلا دليل على ذلك.. لكن الأهم من ذلك هو تفوقها استخباراتيا في إيران، والأكثر أهمية مما ذُكر آنفًا هو الخوف من أن يكون الكيان الغاصب مُتفوقًا مُخابراتيًا في الكثير من الدول.

وما يدعو إلى القلق أيضا، هو أن تكون أجهزة استخبارات العدو «تسرح وتمرح» في دول شقيقة ومُجاورة لنا، خصوصا أنها كانت ترصد جل الاجتماعات المُهمة لقيادات طهران.

ذلك يدعو أولا إلى ضرورة أن تتحد الدول العربية، في الوقت الحالي «استخباراتيا»، أو على الأقل التعاون بشأن ذلك، أي تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية، لما فيه مصلحة الشعوب العربية والوطن العربي ككل، وبالتالي التقليل من أثر العمل الاستخباري الإسرائيلي، وسد الثغرات الأمنية في حال وجدت.

فكما لاحظنا، أن الكيان الصهيوني اعتمد في الأيام الماضية على ما لديه من معلومات استخباراتية، أفادته كثيرا في التخلص من أهداف عسكرية وإستراتيجية إيرانية، وهذا كله عائد لأنه يمتلك المعلومة الصحيحة الدقيقة، والتي تحتاج إلى خطط وإستراتيجيات وأموال وكوادر بشرية مؤهلة، فضلا عن المحور الأساس في ذلك وهو التطور الحاصل في التكنولوجيا الحديثة بمثل هذه الأعمال.

وثانيًا، يتوجب على الدول أن تُراجع، وبكُل دقة، المنظومة الأمنية، بحيث تُشدد الإجراءات وترفعها إلى أعلى المُستويات، من أجل ضمان عدم وجود اختراقات أمنية.. هذا لا يعني أن دولنا مُخترقة أمنيا، بل من باب زيادة الحرص أكثر، خصوصا أن الأوضاع الدائرة في المنطقة لن تقف عند حدود الحرب الدائرة ما بين طهران وتل أبيب، إذا جاز التعبير.

وثالثًا، إن الشعوب العربية، كُل في مكانها، مُطالبة بأخذ الحذر في الأوقات كافة، والتيقظ جيدا لما يحاك للبلاد العربية وأهلها، فالجميع يتوجب عليه أن يعمل على قلب رجل واحد، فلا يظن أحد بأن الحروب أو الأعمال العسكرية مقتصرة على الجيش والأجهزة الأمنية كافة، وإن كانت الأخيرة هي الأساس، لكن هناك محاور أخرى يقع على عاتقها مسؤوليات كبرى، بدءا من المواطن والأسرة والمُجتمع المحلي، فالمدارس والجامعات، ودور العبادة والإعلام والنقابات والأحزاب.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير