النسخة الكاملة

بين تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية وصراع الداخل الإسرائيلي

الإثنين-2025-06-16 12:12 pm
جفرا نيوز -
بقلم: خالد سعيد نزال   

باحث في الشؤون السياسية والاستراتيجية

Hdd.qal@gmail.com

في خطوة جريئة ومغامرة، أقدمت إسرائيل على توجيه ضربات موجعة لإيران، مستهدفة قيادات عسكرية بارزة ومفاعل نطنز النووي، في محاولة لإضعاف القدرات الإيرانية وتحجيم النفوذ في المنطقة. إلا أن التعافي الإيراني كان أسرع مما توقع الجميع، إذ استعاد النظام توازنه خلال ساعات قليلة، ما أدى إلى تلاشي النشوة الإسرائيلية التي رافقت هذه الضربات، خصوصًا مع ترنح منظومة القبة الحديدية التي سمحت لصواريخ دقيقة بالوصول إلى أهدافها داخل المدن الكبرى مثل تل أبيب وحيفا
مؤشرات تصاعد التوتر : 

في تطور لافت، أعلنت السفارة الأمريكية في القدس وتل أبيب إغلاق أبوابها، ما يطرح علامات استفهام حول تصاعد حدة المواجهة ودلالاتها على إمكانية اتساع نطاقها أو التحضير لسيناريوهات أخطر
هل تستطيع إسرائيل استكمال هذه العملية لفترة طويلة؟ وما هي المدة الزمنية المتوقعة للوصول إلى مفاوضات دبلوماسية تفضي إلى حل؟ وهل خرجت الأمور بالفعل عن السيطرة؟

اعادة تشكل محور المقاومة: 

تدخل باكستان المفاجئ لدعم إيران يعيد تشكيل "محور المقاومة" في المنطقة، ويدعم التوجهات الاستراتيجية لطهران، فيما يلوح حزب الله بدخوله الفعّال في المعركة، وهو ما يؤكده إعلان أنصار الله في اليمن وانخراطهم، فيما تتزايد الدعوات العلنية من قبل إسرائيل لاستقدام أمريكا وأوروبا للحرب، وهو ما تقبلته بريطانيا رسمياً

حرب المضائق البحرية : 

السيطرة على مضيق هرمز من قبل إيران تمثل ورقة ضغط استراتيجية، قد تستغلها طهران للضغط على القوى الدولية والأطراف الفاعلة في الأزمة لإجبار إسرائيل على التفاوض، وقطعاً من شأنها أن تعطي إيران نشوة مؤقتة كطرف منتصر، وموقع قوة في المفاوضات المقبلة، خصوصًا مع تكامل ذلك مع سيطرة أنصار الله على باب المندب الواضح .

العقيدة العسكرية وتأثيرها على الصراع :  

•أما العقيدة العسكرية للطرفين، فهي مفتاح لفهم طبيعة الصراع، فالعقيدة الإسرائيلية ترتكز عادةً على التدخل العسكري "المضطر"، كما في حرب أكتوبر 1973، حين كان هناك تهديد وجودي مباشر للكيان. لكن الحرب الحالية على إيران ليست حرب اضطرارية، ما يضع إسرائيل أمام تحدي كبير: كيف سيستجيب المجتمع الإسرائيلي لما يشهده من تدمير غير مسبوق داخل المدن، مع إصرار قادته على استكمال الحرب ؟ الشعب الإسرائيلي المعتاد على الحروب خارج الحدود، يجد نفسه في مواجهة واقع مختلف، قد يؤثر على الدعم المجتمعي للحكومة .

•في المقابل، يتسم النظام الإيراني بالعقيدة الثابتة المرتبطة بالمذهب الكربلائي والمتأثر بثورية الحسين عليه السلام (نموذج دائم للصراع بين الحق والباطل ، مما يبرر مقاومة الظلم السياسي في كل زمان) في مواجهة الضغوط ، مع استعداد للتصعيد والتضحية، وهو ما يدعم صموده ويعزز موقفه في الحرب 

الإعلامية والسياسية النظام العربي الصامت : 
المنطقة العربية تمر في حالة صمت مخيف، مع غياب موقف واضح من الحكومات، التي قد تكون مستهدفة في المستقبل كجزء من إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤية جديدة لإسرائيل وأمريكا، ما يشير إلى "سايكس بيكو" جديد يعيد رسم الحدود والنفوذ .

الصحافة الإسرائيلية والرأي العام :

أما داخل إسرائيل، فالمجتمع يتحمل حرباً غير اضطرارية، مع تعطّل الحياة اليومية ودخول السكان الملاجئ لأيام، ما يخلق حالة من التوتر والغضب قد تزداد في الأسابيع القادمة

يضاف إلى ذلك، الانقسامات السياسية الداخلية، حيث طالبت كتل معارضة متعددة برئاسة نتنياهو بالاستقالة بسبب فشله في إدارة الحرب على غزة وفشله في تحقيق الأهداف المعلنة ، إلى الهدف الاخر تعطيل المشروع النووي الإيراني. لكن رفع شعار "التهديد الوجودي" للكيان نجح في تحقيق دعم شعبي موسع، مؤقتاً، ضد إيران .

أما السؤال الأكبر: هل من بدأ الحرب قادر على إنهائها؟ أم أن الأمور قد تنزلق نحو فوضى إقليمية أوسع؟ وهل يجلس الأطراف قريباً على طاولة المفاوضات، وما هي شروط كل منهم ؟ وهل ستظل غزة وحرب الإبادة تظل غزة محورًا مهمًا، حيث قد تؤثر المعارك في محيطها على أي اتفاق سياسي مستقبلي، وقد يكون هناك تنافس بين محور المقاومة والدولة العبرية في استغلال ملف القطاع ولها مكان على طاولة المفاوضات القادمة ...... ؟ 

مخاطر التوسع والفوضى الإقليمية

ومع تحفز دول لا تخفي محاولاتها في لعب ادوار في هذا الصراع مثل : 

الدور الروسي والصيني يبقى حاسماً في تحريك مواقف الدول الكبرى، خاصة مع مهاجمة السفارة الأمريكية في أربيل وتدخلها في الصراع تحت حجة حماية مصالحها في المنطقة ، في تطور غير مؤكد التفاصيل لكنه يرمز إلى تعقيد المشهد تبقى المخاوف من انزلاق الصراع مع وجود أطراف كثيرة قادرة على إشعال جذوة النزاع بريطانيا على سبيل المثال من خلال بوارجها الرابضة قبالة الشواطئ الاسرائيلية. 

خفايا المفاوضات القادمة:  

من المرجح أن تجري المفاوضات في ظروف معقدة، مع تبادل للضغوط باستخدام أوراق مثل السيطرة على مضائق النفط والموانئ الاستراتيجية وسلاسل توريد النفط الخليجي . الثمن المطلوب سيشمل تنازلات على ملفات حساسة مثل النووي وملفات المقاومة

في الختام،

 المعركة مستمرة، والرهان الأكبر على قدرة الأطراف على إيجاد مخرج سياسي يحفظ الحد الأدنى من الاستقرار في منطقة تتأرجح بين الحرب والفوضى إن من بدأ الحرب ليس بالضرورة من ينهيها، ويبدو أن الجميع يخوضون لعبة شد وجذب دقيقة ، مع احتمالية أن يكون الحل دبلوماسيًا بعد استنزاف أطراف الصراع لطاقاتهم .






© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير