النسخة الكاملة

المشهد الجيوسياسي الجديد في ظل الحرب الإيرانية الإسرائيلية

الأحد-2025-06-15 09:50 am
جفرا نيوز -
لما جمال العبسه

مع اشتعال المواجهة بين دولة الكيان الصهيوني وإيران، دخلت المنطقة مرحلة من التصعيد الحاد الذي يتجاوز مجرد تبادل الضربات العسكرية ليشكل منعطفا استراتيجيا يعيد رسم توازنات القوى عالميا، فهذه الحرب ليست مجرد ردود فعل متبادلة، بل انعكاس لصراع طويل الأمد، يتشابك فيه النفوذ الإقليمي، الحسابات الدولية، وأسواق الطاقة العالمية.

في ظل هذا التصعيد العسكري بين الطرفين، لا يخجل رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بالتصريح بانه يريد اعادة ترتيب المشهد القوة في الاقليم على اعتبار ان دولته المزعومة تتسيد المشهد، كما لم يتردد في اول تصريح له بعد بدء الحرب ان يشحن الداخل الايراني على قيادته ويطالبه بالانقلاب عليها، كل هذا يأتي لخدمة رؤيته الاستراتيجية المتخبطة، وهذا بالطبع يستند من وجهة نظره إلى تحالفات جديدة ونهج أكثر تصعيدا مع من يخالف استراتيجيته الخرقاء، لكن الرد الإيراني العنيف جاء ليعيد الحسابات، ليحطم فكرة التفوق المطلق لإسرائيل، ويؤكد أن أي محاولات لإعادة رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط ستواجه بردود فعل حاسمة.

هذه المواجهة ليست مجرد صراع بين دولتين، بل اختبار للمعادلات الإقليمية والتحالفات الدولية، حيث تتداخل فيها مصالح القوى الكبرى وتأثيرات الأسواق العالمية، ما يجعلها نقطة تحول في النظام الجيوسياسي العالمي، كما ان التداعيات ليست محصورة في ميادين المعركة، بل تمتد الاستقرار السياسي لدول الجوار، مما يثير تساؤلات جوهرية حول مستقبل النظام العالمي في ظل هذه التطورات المتسارعة.

فاذا ما نظرنا الى التداعيات الجيوسياسية، نجد انه قد ينجم عن هذه الحرب إعادة تشكيل التحالفات، فمثلا ستجد الدول العربية نفسها أمام خيار إعادة تقييم علاقاتها الإقليمية، وسط تصاعد النفوذ الإيراني وردود الفعل الإسرائيلية، اي ان هناك احتمالات تصعيد اقليمي قائمة بشدة.
واذا ما وسعنا دائرة التحليل نجد ان هناك دورا للقوى الكبرى في العالم، فقد تضغط الولايات المتحدة الامريكية التي تدعم الموقف الصهيوني لانهاء هذا التصعيد، في الوقت الذي تستغل الصين وروسيا الموقف لتعزيز نفوذهما عبر التحالفات البديلة.
أما أمنيا، فانه من المؤكد ان الدول المجاورة مثل الأردن والعراق قد تعزز دفاعاتها الجوية، فيما يتصاعد القلق بشأن استقرار منطقة الخليج.
اقتصاديا، فقد بدأت تداعيات هذه الحرب فورا، حيث ارتفعت اسعار النفط بسبب المخاوف من تعطيل الامدادات، اي العودة لمشكلة التضخم العالمي المتزايد، عدا عن ما سينجم عنها من  إغلاق المجالات الجوية والهجمات على السفن التجارية، وتأثيراتها السلبية على سلاسل الإمداد العالمية، مما يزيد تكلفة النقل والتأمين.
وفي ظل هذا التصعيد والبيانات المتبادلة بين طرفي الصراع، نجد هناك من يبحث عن بصيص امل في تدخل ينهي هذه الحرب باقرب وقت ممكن، فهل ستنجح الجهود الدولية التي بدأت على الفور لانهاء الحرب وتقويضها، ام سيكون هناك تصعيد متجدد بنفس النهج دون زيادة، او انه سيكون هناك اطراف اخرى تتدخل فتزيد هذه الحرب اشتعالا، هذا ما ستتمخض عنه الدبلوماسية الدولية في مقبل الايام.
هذه الحرب ليست مجرد اختبار للقوة العسكرية، بل مفترق طرق استراتيجي يحدد شكل المستقبل السياسي والاقتصادي للمنطقة، ولم تعد الحسابات التقليدية كافية لفهم طبيعة الصراع المستجد، فالتحالفات تتبدل، أسواق الطاقة تتقلب، والقوى الكبرى تعيد حساباتها في ظل تصاعد المخاطر، وفي هذه المرحلة الحرجة يصبح السؤال الأهم: هل سيبقى الشرق الأوسط رهينة صراع مفتوح، أم أن الإرادة السياسية ستفرض مسارا جديدا نحو إعادة التوازن والاستقرار؟

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير