لا يُمكن تجاوز الهجوم الإسرائيلي على إيران أمس الأول بقراءة عادية أو سطحية، فهو هجوم مخطط له منذ سنوات وليس فقط منذ أشهر، ناهيك عن عنصر المفاجأة، حدّ الصدمة، وصولا لعدد القيادات التي تم استهدافها واغتيالها في إيران، لنجد أننا أمام هجوم غير مسبوق وبطبيعة الحال الرد الإيراني لم يكن بطابع مسبوق كذلك، لكن يبقى الهجوم الإسرائيلي المُدان تصعيدا غاية في الخطورة ويدفع باتجاه ما لا يُحمد عُقباه على المنطقة والأمن والسلم الدوليين من تبعاته.
ما شهده العالم خلال الساعات الماضية وتحديدا منذ فجر يوم الجمعة الثالث عشر من حزيران الحالي، خطير بحرفيّة التفاصيل والتبعات، وله الكثير من الآثار الخطيرة حدّ التهديد لكل القطاعات والمجالات والأصعدة، وعلى العالم والمجتمع الدولي أن يتنبه لذلك كما طالب الأردن منذ صباح الجمعة، فلا بد من إطلاق جهود دولية فاعلة لإنهاء ما يحدث في المنطقة بأدوات إسرائيلية وانتهاكات وخروقات للقانون الدولي دون أي رادع، بل على العكس هناك من يدعمها ويمنحها الحق في كل ما ترتكبه من تصعيد وعلى جهات متعددة أحدثها إيران، ما يجعل المنطقة على فوّهة بركان دائم يهددها ويهدد أمنها واستقرارها ويدفع باتجاه الكثير من التوتر والتأزيم.
الأردن، الذي بادر بإطلاق حراك سياسي دبلوماسي بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني بضرورة التحرك الفوري والعاجل لوقف التصعيد الخطير الدائر في المنطقة، محذرا من تبعات هذا التصعيد، الذي سيدفع بالمنطقة إلى مزيد من التوتر وتوسيع الصراع، بتأكيدات على أن العدوان الإسرائيلي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية الصديقة، انتهاك صارخ لسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة، وخروج سافر عن قواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، بإدانة واضحة لهذا العدوان، وأنه سيكون سببا يهدد أمن المنطقة واستقرارها ويفاقم من حدة التوتر.
وبالمقابل، أكد الأردن منذ الساعات الأولى للعدوان أن المملكة لم ولن تسمح باختراق أجوائها ولن تكون ساحة حرب لأي صراع، وهو صوت أردني واضح لا ضبابية بأي من تفاصيله، وهو ثابت أردني بأنه لن يعرّض أمن وسلامة الوطن والمواطن لأي خطر، وهو أمر أكد ويؤكد عليه الأردن ليس فقط قولا، إنما بشكل عملي فلن يُسمح باختراق الأجواء الأردنية، ولن يمسّ أحد السيادة الأردنية على أجوائه وأراضيه، وبطبيعة الحال فإن إغلاق المملكة لأجوائها يأتي في سياق السيادة الأردنية على بره وجوه وبحره، وبذلك يجدد الأردن على ثوابته بهذا الشأن فهي ليست المرة الأولى التي يعلن بها عن ذلك بتأكيدات متجددة أنه لن يسمح بذلك بأي شكل من الأشكال.
ووسط جهود دبلوماسية منقطعة النظير أطلقها الأردن أمس بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني، باتصالات ومباحثات، ورسائل أردنية واضحة أكد عليها لعدد كبير من دول العالم إلى جانب إيران في اتصال هاتفي بين نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين لإدانة العدوان ورفضه، رافق ذلك تأكيدات جلالته على «أن الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع، ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه»، وبطبيعة الحال هذه مسلّمة أردنية مطلقة لا مجال بها لأي تغييرات، علاوة على أنها ليست قولا إنما عمل مجسد على أرض الواقع فحماية الوطن والمواطن ثابت أردني لا ولن يتغيّر.
يحق للأردن أن يحمي أجواءه، ذلك أن حماية المجال الجوي واجب سيادي، وحماية الوطن والمواطن أمر يتعامل معه الأردن بالمطلق، وحتمية التنفيذ، لم يتخل عنه يوما، ولن يتخلى، وبرأيي فإن الموقف الأردني بل السيادة الأردنية واضحة بهذا الشأن، لا ضبابية بشأنها، وحسمها جلالة الملك بقوله إن «الأردن لن يكون ساحة حرب لأي صراع، ولن يسمح بتهديد أمنه واستقراره وسلامة مواطنيه»، فالأمر محسوم ولا يحتاج تفسيرات، وبرأيي أن الأمر غير خاضع لأي جدل أو نقاش، فهي معادلة أردنية واضحة سعي للسلام وحفاظ بالمطلق على أمنه.