تأهل “النشامى” يُوقد شعلة الفرح الأردني ويُطلق سباق استثمار الفرص العالمية
الأربعاء-2025-06-11 06:39 pm
جفرا نيوز -
-عمر المحارمة
يشكل تأهل المنتخب الوطني لكرة القدم إلى كأس العالم 2026 التي تقام في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، لحظة تاريخية، غيّرت مجرى الرياضة في الأردن، بعد ان أصبح منتخب النشامى أول منتخب عربي يضمن مقعده في المونديال.
لم تكن الأهداف التي سجلها علي علوان في مرمى منتخب عُمان مجرد أهداف عابرة، بل كانت بداية لفصل جديد في قصة الأردن على الساحة الرياضية العالمية، وهذا التأهل لم يكن فقط انتصاراً على أرض الملعب، بل كان بمثابة نقطة انطلاق لتحولات كبيرة في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية، وبداية لفرص غير محدودة، تفتح أبواباً جديدة للأردن ليصبح مركزاً عالميا في الرياضة والسياحة، وابراز الثقافة العربية والاسلامية.
تأهل المنتخب الأردني إلى كأس العالم تزامن مع عيد الأضحى المبارك، ليصبح "عيد الأردن عيدين" بعد أن حسم "النشامى” تأهلهم بالفوز على عُمان في مسقط، وتحقق لعلي علوان حلمه ب "هدف العمر” ليسجل "هاتريك” تاريخي أسهم في حمل منتخب النشامى الى المونديال.
هذا الإنجاز كان تأكيداً على الجهد الكبير الذي بذله المنتخب الأردني طيلة التصفيات، ليصل إلى هدف طالما كان بعيد المنال، ولم يكن له ان يتحقق دون الداعم الاول جلالة الملك عبدالله الثاني.
ففي لحظة حاسمة من تاريخ الأردن، تابع الملك المباراة من لندن، مرتدياً قميص المنتخب الأردني، ليشارك الشعب الأردني فرحته، ومهنئا من خلال تغريدته على تويتر، "أهنئ من قلبي أبناء وبنات شعبنا العزيز… النشامى كانوا وسيبقون على العهد”. كان هذا التعبير من الملك بمثابة لحظة فارقة، أضافت بُعداً عاطفياً للحظة الوطنية الأردنية.
الشعب الأردني بأسره، من شمال المملكة إلى جنوبها، في المدن والقرى والمخيمات احتفل بهذا الإنجاز بكل تفاصيله، وخرجت الحشود مزينة "بالشماغ الاحمر، رافعة علم الوطن، مرددة الأهازيج الوطنية حتى ساعات الفجر.
لهذا الإنجاز أثر بعيد المدى على الاقتصاد الوطني، حيث يفتح تأهل "النشامى” إلى كأس العالم أبواباً جديدة نحو اقتصاد الفرص، وسيستفيد الأردن من خلال العديد من القطاعات الاقتصادية التي ستدعم الاقتصاد الوطني في الفترة المقبلة.
هذه الفرصة ستعرض الأردن للعالم من خلال شاشات المونديال التي ستنقل 104 مباريات إلى 200 دولة، مما يعزز مكانة المملكة كوجهة سياحية جاذبة، ويعطي دفعة قوية لمجال السياحة.
كما يفتح هذا الحدث المجال أمام الثقافية الأردنية لتكون محط أنظار العالم، ويعزز من فرص التعاون مع الشركات الرياضية العالمية.
و يُحفز التأهل نحو إنشاء صكوك استثمارية لتمويل انشاء المدن الرياضية المستدامة، وتأسيس أكاديميات تدريب بمكونات أردنية، مستفيدين من الخبرة المُكتسبة في التأهل.
ويحدث هذا الانجاز تحولاً في الاقتصاد الإبداعي عبر إنتاج أفلام وثائقية عالمية عن مسيرة "النشامى" تسلط الضوء على المواقع الأثرية الأردنية، وتعزيز السياحة الثقافية، وإطلاق منصات رقمية عالمية لتسويق المنتجات الأردنية باستخدام رموز "النشامى".
ومن المنتظر أن تشهد المملكة توسعاً في تحسين البنية التحتية الرياضية، وتحويل المتشئات الرياضية إلى مجمعات متعددة الأغراض، ما يعزز الاقتصاد الوطني المستدام ويفتح الآفاق نحو تعزيز فكرة الاحتراف الرياضي وهو ما يشكل فرصة اقتصادية ومالية لآلاف المواهب الصاعدة والواعدة في بلدنا.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أن يُحفز هذا الإنجاز استثمارات ضخمة في تحديث الملاعب ومراكز التدريب، لاستضافة فعاليات رياضية دولية، ما يعزز السياحة الرياضية ويخلق فرص عمل جديدة، وينعكس على قطاعات مختلفة كقطاع النقل والخدمات، كما سيجذب الحدث أنظار العالم لمعالم الأردن التاريخية، مما يعزز مكانتها كوجهات سياحية عالمية .
هذا الإنجاز الرياضي يعزز صورة الأردن كدولة مستقرة وقادرة على المنافسة العالمية، مما قد يفتح أبواباً لشراكات استثمارية في قطاعات الطاقة والتكنولوجيا .
هذا الإنجاز يُشكل "فجراً جديداً للكرة الأردنية" كما قال نائب رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم مروان جمعة، مشيراً إلى أن المنظومة الرياضية تعمل على تحويل هذه الفرصة إلى مشاريع تنموية مستدامة، كما أن المونديال سيكون منصة عالمية لانطلاق المواهب المحترفة، وتوقع جمعة أن بستثمر الاتحاد في تحسين التصنيف العالمي للمنتخب عبر مشاركات دولية مدروسة .
بعد هذا الإنجاز الكبير، أصبح المنتخب الوطني، أكثر من مجرد فريق رياضي. بات "النشامى” رمزاً للشجاعة والإرادة، وقيمة وطنية يعبر من خلالها الشعب عن وحدة مشاعرهم، ولم يعد اللقب مجرد شعار رياضي، بل أصبح تجسيداً للفخر الوطني الذي يعكس التضامن الاجتماعي بين جميع أطياف الشعب الأردني.
هذه اللحظة التاريخية كانت بمثابة تجسيد للمواطنة الصادقة التي تحتفل بتفوق أبنائها في أي ميدان، وتجسد صورة الأردن الحالم الذي يعانق الأمل رغم الصعاب.
هذا الإنجاز لم يكن ليتحقق لولا القيادة الحكيمة التي أرست الأسس لهذا النجاح، فكان للملك عبدالله الثاني دور محوري في تحفيز المنتخب ودعمه، سواء من خلال تشجيعه الشخصي أو عبر دعم الجمهور الأردني، ومن متابعة المباراة في لندن، إلى التغريدة التي أطلقها، كانت المشاركة الملكية إشعاراً حقيقياً للأردنيين بأن هذا الإنجاز ليس مجرد فوز رياضي، بل هو انتصار للوطن بأسره.
ولم يكن حلم ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، بوصول الاردن الى كأس العالم امنيات شخصية كما قال سموه في الفلم الوثائقي "نشمي"، بل تحول لخطة عمل واكبها وتابعها سموه عن قرب وحرص ان يكون داعما ومؤثرا فيها، ولعل مشهد سموه بين جماهير الاردن في مسقط اكبر تعبير عن الدعم المعنوي الذي قدمه ولي العهد للنشامى وسبقه وتبعه العديد من اللقاءات والاتصالات التي تدعم وتحفز وتمنح ابطال المنتخب العزيمة والقوة والاصرار.
كما كان لرئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم الأمير علي بن الحسين، دوره المحوري والأساسي في هذا النجاح. فمنذ أن تولى سموه منصبه في عام 1999، كانت رؤيته لتطوير كرة القدم الأردنية وإحداث طفرة حقيقية في تطوير اللاعبين والمنشآت الرياضية هي المحرك الأساسي لهذا التحول، ولا شك أن هذا النجاح هو ثمرة الدعم المستمر الذي قدمه الأمير علي للرياضة الأردنية، والذي ترافق مع استقدام كفاءات تدريبية عالمية وتطوير احتراف اللاعبين.
تأهل "النشامى” لم يكن نهاية، بل هو بداية جديدة لبناء أردن قادر على ترك بصمته في كل مجال، كما أكد الأمير علي بن الحسين، "هذه ليست نهاية الطريق، بل بداية مسؤولية أكبر”. اليوم، أصبح للمنتخب الأردني مكانة على الخارطة العالمية، وهذه ليست مجرد بطولة، بل بداية رحلة تهدف إلى جعل الأردن من الدول التي تترك أثراً دائماً في عالم الرياضة والاقتصاد والثقافة.
الإنجاز الذي حققه "النشامى” هو ثمرة للجهد الجماعي والإرادة القوية التي تجسدها القيادة الهاشمية والشعب الأردني، ليؤكد للجميع أن الإرادة التي لا تعرف المستحيل قادرة على صناعة المجد.
"الفرصة لا تصنعها الصدفة، بل تُخلق بإرادة من فولاذ ورؤية لا تعرف المستحيل”.