النسخة الكاملة

ماهو سلاح ترامب المفضل في حروبه التجارية؟

الأحد-2025-06-07 05:26 pm
جفرا نيوز -
عقود من المعاناة.. فائض الإنتاج والسياسات الحمائية يرهقان القطاع منذ زمن طويل

الفولاذ مرة أخرى، ودائماً كان الفولاذ، هو السبب المباشر لقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمضاعفة التعريفات الجمركية على الصلب والألمنيوم يوم الأربعاء الماضي إلى 50% .

وهي إحدى الزيادات القليلة في الرسوم الحمائية التي لم يتراجع عنها ترامب مؤخراً، ويعود ذلك على الأرجح إلى غضبه الشديد من حكم المحكمة الفيدرالية الصادر الأسبوع الماضي ضد ما يعرف، خطأ، بالرسوم الجمركية «المتبادلة» الأوسع نطاقاً. ولكن من المألوف جداً في الولايات المتحدة، والعديد من الحكومات، أن تحمي هذا القطاع من الواردات، إلى درجة أن تعريفات الصلب هي سلاح طبيعي يمكن اللجوء إليه للإشارة إلى التحدي التجاري.

وقدمت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مبررات وتحذيرات من تفاقم فائض الإنتاج العالمي للفولاذ بفعل الدعم الحكومي الصيني. في المقابل مارست الولايات المتحدة مستويات عالية من الحمائية وأظهرت سوء نية تجاه هذه الصناعة، إلى حد يجعلها، سواء في عهد ترامب أو غيره، طرفاً لا يستطيع إصلاح هذا القطاع.

والفولاذ منتج معروف بإدمانه للإعانات والحماية التجارية، وهو إدمان يصعب التخلص منه لأسباب معروفة جيداً، فإنتاج الفولاذ يتمتع بوفورات حجم هائلة تخلق حواجز دخول مرتفعة، كما أنه ضروري لصناعة الدبابات والطائرات المقاتلة، فضلاً عن السكك الحديدية والجسور، ناهيك عن أن مصانع الصلب غالباً ما تتركز في مدن أحادية الصناعة حيث يكون لإغلاق المصانع تداعيات سياسية فورية وملموسة. وفي الولايات المتحدة تحديداً، تتمركز العديد من أكبر منشآت الأفران العالية في ولايات متأرجحة سياسياً، وتوظف عمالاً ينتمون إلى نقابات ذات نفوذ وعلاقات قوية.

وتتغلب هذه العوامل على حقيقة أن ارتفاع أسعار الفولاذ، كمدخل صناعي أساسي، يلحق أضراراً واسعة بالقطاع التصنيعي برمته، إذ تقابل كل وظيفة في إنتاج الفولاذ نحو 80 وظيفة في الصناعات التحويلية اللاحقة.

أما الجهود الأوسع نطاقاً لتعزيز سوق دولية حرة غير مشوهة، فقد باءت بالفشل بشكل عام، إذ أسست منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لجنة خاصة بالفولاذ عام 1978 لتمكين الحكومات الأعضاء من دراسة قضية فائض الطاقة الإنتاجية العالمية، خاصة مع صعود اليابان كمنتج رئيسي.

رغم ذلك أنهت اللجنة اجتماعها السابع والتسعين في أبريل دون التوصل إلى حل دائم حتى الآن. وعلى المنوال نفسه، لم يحقق «المنتدى العالمي» رفيع المستوى لمجموعة العشرين للاقتصادات الرائدة بشأن فائض طاقة الفولاذ شيئاً يذكر.

وهناك الكثير من الحمائية للفولاذ، فعندما أعلن الاتحاد الأوروبي خططاً لتعزيز دفاعاته ومرونته الاقتصادية، سارعت صناعة الفولاذ الألمانية للمطالبة بدعم حكومي جديد. أما صناعة الفولاذ الأمريكية، فقد أثبتت براعتها وابتكارها طوال العقود الماضية، خاصة في استخدام «آليات الإنصاف التجاري»، مثل رسوم مكافحة الإغراق والرسوم التعويضية على الواردات.


إعلان


وليس من المبالغة القول إن العداء الأمريكي لمنظمة التجارة العالمية، في جزء كبير منه، يرجع إلى إصدار نظام تسوية المنازعات التابع لها أحكاماً متكررة ضد استخدام منهجية «التصفير» في احتساب رسوم الإغراق، وهي أداة تعتمد عليها صناعة الفولاذ الأمريكية بكثرة.

أما الرسوم الجمركية التي ضاعفها ترامب مؤخراً، فقد فرضت في الأصل خلال ولايته الأولى استناداً إلى البند القانوني المعروف باسم «القسم 232»، وهو إجراء يستلزم من الإدارة أن تثبت، أو على الأقل أن تدعي، وجود ضرورة تتعلق بالأمن القومي، وهي حجة لا تصمد أمام الاختبار المنطقي رغم نجاتها حتى الآن من الطعون القانونية المحلية. وقد أبقت إدارة الرئيس السابق جو بايدن على هذه الرسوم، رغم تعليقها مع الاتحاد الأوروبي وشركاء تجاريين آخرين في انتظار مفاوضات لم تصل أبداً إلى نهاية حاسمة.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير