العزة يكتب: الجلوس الملكي: اللحظة التي تغيّر فيها كل شيء
السبت-2025-05-31 11:05 pm
جفرا نيوز -
رامي رحاب العزة
كان صباح عمّان مختلفًا.
السماء ملبّدة بمزيج من الحزن والرهبة. الشوارع صامتة، كأنها تحبس أنفاسها. الأردن كلّه كان يقف على حافة لحظة… لحظة لم يشهد مثلها من قبل.
رحل الحسين.
الملك الذي لم يكن مجرد حاكم، بل أبًا، ورمزًا، وسقفًا لوطن كامل. الرحيل كان صادمًا… فكيف لوطن اعتاد على وجهه وحنانه وصوته أن يستوعب غيابه؟ وكيف لابن أن يقف في اليوم التالي، لا لينعي، بل ليُكمِل؟
دخل الأمير عبد الله قاعة مجلس الأمة… شابٌ في نهاية الثلاثينات، لكنه يحمل في قلبه كل أوزان التاريخ، وفي عينيه دمعة لا يريد للعالم أن يراها. لم يكن التاج أثقل ما وضع على كتفيه… بل الوعد، والمسؤولية، وسؤال يردده ملايين الأردنيين في سرّهم:
هل سيكون على قدر الحسين؟
لكن ما إن بدأ يتلو القسم، حتى تغيّر كل شيء.
"نذرت نفسي لخدمة الشعب الأردني الوفي.”
كلمات بسيطة… لكنها خرجت من أعماق قلبه. لم تكن خطبة، لم تكن استعراضًا، بل كانت وعدًا صامتًا بين الملك وشعبه: سأكون كما تريدون، وسأكمل المسيرة كما أرادها أبي.
لم يكن ذلك اليوم احتفالًا، بل كان لحظة تحوّل. الأمير أصبح ملكًا، والحزن تحوّل إلى أمل، والفراغ امتلأ بقيادة واثقة، هادئة، تعرف إلى أين تسير.
ومنذ تلك اللحظة، لم ينتظر الملك عبد الله الثاني التصفيق، بل نزل إلى الميدان. زار القرى قبل العواصم، استمع قبل أن يتكلم، وبنى الثقة قبل أن يطلبها.
هو لم يورّث العرش فحسب، بل ورث الحلم… حلم الحسين.
وبعد ربع قرن، ما زال الأردنيون يتذكّرون ذلك اليوم… ليس ببهرجه، بل بصمته. لحظة جلوس ملكٍ على العرش، وقيام قائدٍ في القلب، وولادة عهدٍ جديد عنوانه: