النسخة الكاملة

حين تنبّأت الصالونات السياسية بسقوط موضة الأحزاب”

الخميس-2025-05-29 12:05 am
جفرا نيوز -

بقلم: مصطفى توفيق أبو رمان

قبل انتخابات مجلس النواب العشرين بأيام قليلة، كتبت مقالة في "جفرا نيوز” طرحت فيها جملةً من الأسئلة عن مشهد السباق المحموم نحو تأسيس الأحزاب السياسية في الأردن. لم يكن المقال تجريمًا للنوايا، بل قراءة متأنية في واقع مستجد، بدا فيه تأسيس الأحزاب وكأنه "موضة جديدة” حلّت محلّ "موضة الصالونات السياسية”، لا مشروعًا وطنيًا ناضجًا لتحقيق الرؤية الملكية الواضحة نحو تحفيز حياة حزبية حقيقية، قادرة على إنتاج برلمانات حزبية برامجية، تُبنى على الكفاءة والتمثيل الشعبي، لا على الولائم والمؤتمرات والاستعراضات.

وقتها تساءلتُ:
هل هذا التدفّق الحزبي يعكس وعيًا سياسيًا؟ أم أنه استجابة لحوافز انتخابية قادمة؟
وهل يُعقَل أن يُنشئ البعض حزبًا فقط لحصد مقعد نيابي تحت القبة؟

اليوم، بعد مرور فترة كافية على أداء مجلس النواب، للأسف، جاءت الإجابة من الواقع لا من التنظير:
 • نواب تردّدت أخبار عن شرائهم للمقاعد بأثمان باهظة.
 • نائب يُطالب حزبه بفصله بعد أن تبين أنه مطلوب على قضايا مالية.
 • أحزاب "كرتونية” لم نسمع لها صوتًا سياسيًا أو اقتصاديًا أو حتى اجتماعيًا منذ لحظة دخولها المجلس.
 • وانكشاف نوايا عدد كبير من الأحزاب بأن وجودها لم يكن لتحفيز الديمقراطية أو تمثيل الناس، بل لحجز "كوتة حزبية” في البرلمان.

ما حصل، بكل وضوح، يُشكّل خيبة أمل شعبية لم تُخفِ نفسها، بل عبّرت عنها الناس في كل مجلس وحديث.

وهنا أعود لما دعوت إليه قبل الانتخابات:
إن الحياة الحزبية لا تُبنى في أسابيع ولا عبر قوائم جاهزة للانتخاب، بل تحتاج إلى زمن، وتاريخ، وتجذّر، وبرامج حقيقية، وأشخاص نزيهين يُمثلون هموم الناس لا مصالح الأفراد.

من هنا، فإنني أضم صوتي الآن لضرورة إعادة النظر في الكوتة الحزبية، ليس لقتل الفكرة، بل لإنقاذها.
وأدعو إلى أن تُعطى الأحزاب فرصة أطول قبل أن تدخل البرلمان، على أن تُظهر في هذه الفترة جدارتها وقدرتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتخضع لتقييم معلن وشفاف.

كما أرجو أن يُعاد النظر في قانون الأحزاب، بما يُحقق الرؤية الملكية الحقيقية لا الشكلية، ويمنع الانتهازية السياسية التي أساءت للمشروع الوطني، وأفرغت الديمقراطية من محتواها.

ما زلنا نملك الأمل، لكننا بحاجة إلى حماية الفكرة من عبث المؤقتين، الذين رأوا في العمل الحزبي وسيلة لا غاية، وفي البرلمان هدفًا لا مسؤولية
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير