أحمد الصفدي: حكمة البرلماني وصلابة السياسي في خدمة الوطن

محمد علي الزعبي

في ميدان السياسة الأردنية، تبرز شخصيات رسمت ملامحها بالحكمة لا بالصخب، وبالفعل لا بالقول، ومن بين هؤلاء يسطع اسم النائب أحمد الصفدي، الذي شكّل على امتداد مسيرته البرلمانية نموذجًا لرجاحة العقل، ورصانة الموقف، وانحياز دائم لمصلحة الوطن العليا.

أحمد الصفدي، النائب الذي لا يتكئ على الصدفة، بل على رصيد من المصداقية، ومعرفة متجذرة بالشأنين التشريعي والوطني، استطاع أن يترفع بالحوار تحت قبة البرلمان من سجالات عابرة إلى مرافعات وطنية عميقة، حريصة على ثوابت الدولة، ومؤمنة بأن صوت الشعب لا يُجتزأ، وأن الرقابة والتشريع صنوان لا ينفصلان في سبيل بناء الدولة الأردنية الحديثة.

منذ توليه موقع رئيس مجلس النواب في دورات سابقة، بدا الصفدي صاحب شخصية توافقية بامتياز، يجيد فن تدوير الزوايا دون المساس بجوهر الحقيقة، ويملك قدرة لافتة على خلق التوازن بين الاستقلالية السياسية، وروح المسؤولية المؤسسية. فهو ليس ممن تستهويهم الإثارة أو المزايدة، بل ممن يشتغلون بهدوء، ويتركون البصمة بعمق في مفاصل القرار.

الصفدي الذي لم يغب عن وجدان ناخبيه، بقي على العهد، حارسًا أمينًا لهموم الناس، مدافعًا عن العدالة الاجتماعية، مناصرًا لحقوق المحافظات كما العاصِمة، مؤمنًا بأن التنمية لا تكتمل إلا إذا شملت كل بقاع الوطن، وبأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من تمكين المواطن سياسيًا واقتصاديًا.

في حضرة القضايا الكبرى، بدا الصفدي دومًا رجل دولة، لا يهادن في ثوابت الأردن، ولا يتأخر عن الاصطفاف خلف القيادة الهاشمية في الدفاع عن القضايا القومية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية والوصاية الهاشمية على المقدسات. كما كان حاضرًا بقوة في ملف الإصلاح الإداري، والتشريعات الاقتصادية، وحقوق الشباب، والعدالة في توزيع الفرص.

ولأن الزمن السياسي لا يرحم المترددين، أثبت أحمد الصفدي أنه من طينة القادة الذين لا يستهلكهم الموقف بل يصنعونه، ولا يسيرون على وقع الجماهير، بل يوجّهون بوصلتها نحو ما ينفع الدولة، ويعزز استقرارها، ويضمن مستقبلها.

ختامًا، فإن أحمد الصفدي ليس مجرد نائب تحت القبة، بل هو صوت عقل وحكمة في زمن تعج به الضوضاء، وهو امتداد لمدرسة سياسية راسخة، ترى في البرلمان منصة للبناء لا للهدم، وللتكامل لا للتناحر، وللتاريخ أن يسجل.. أن الصفدي كان وما زال، ركنًا من أركان المشهد السياسي الأردني، وأحد رجالاته الذين يُعوّل عليهم في مفاصل التحول الوطني.