النسخة الكاملة

قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن: الحاجة إلى مراجعة شاملة

الأحد-2025-05-18 02:10 pm
جفرا نيوز -
د. عوني عمر الذنيبات 

يمر الأردن بمرحلة إصلاح سياسي مهمة، يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني برؤية ترتكز على تحديث المنظومة السياسية وتعزيز الحريات العامة. وفي خضم هذه المرحلة، يُثار جدل واسع حول قانون الجرائم الإلكترونية، الذي رغم أهميته في مكافحة الجرائم الرقمية، إلا أن بعض مواده تتناقض صراحة مع التوجهات الملكية التي تُعلي من قيمة حرية التعبير وحرية الإعلام.

في أكثر من مناسبة، شدد جلالة الملك على أهمية حماية حرية التعبير، باعتبارها جزءًا أساسيًا من المسار الديمقراطي. فقد قال في خطاب العرش لعام 2021:

"حرية التعبير مصانة، ولن نسمح لأحد بأن يتعدى على هذا الحق، أو يستخدمه كذريعة للإساءة أو الفوضى. "
وفي حديثه أمام قادة الإعلام الأردني، أكد جلالته:

" الإعلام المهني الحر هو الذي نريده، لأنه يعبر عن الناس، ويضع المسؤول أمام مسؤولياته، ويسهم في كشف الخلل وتصويبه." 
هذه التصريحات الملكية ليست مجرد توجهات إعلامية، بل هي رسائل واضحة لكل مؤسسات الدولة بأن الحريات ليست ترفًا، بل جزء أصيل من النظام السياسي الأردني.

رغم هذه التوجهات، فإن قانون الجرائم الإلكترونية بصيغته الحالية يتضمن نصوصًا فضفاضة مثل "خطاب الكراهية" و"الإساءة إلى الكرامة" دون تعريف دقيق، ما يجعلها عرضة لاجتهادات قضائية قد تؤدي إلى تقييد حرية التعبير، خاصة في القضايا السياسية أو الاجتماعية.

كما أن التوسع في العقوبات السالبة للحرية في قضايا النشر الرقمي يتناقض مع الممارسات الديمقراطية المعاصرة، ويمثل تراجعًا عن النهج الذي يدعو إليه جلالة الملك في تمكين الصحافة وضمان الحريات العامة.

إذا كنا نريد أن ننجح في مشروع التحديث الشامل، فلا بد أن نراجع هذا القانون بما ينسجم مع:

المادة 15 من الدستور الأردني التي تنص على أن:

" تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير." 

والتوجيهات المتكررة من جلالة الملك التي تؤكد أن الحريات لا تُنتزع، بل تُصان وتُعزز في ظل دولة القانون.

إن تعديل قانون الجرائم الإلكترونية بات أولوية وطنية، لضمان حماية المجتمع من الجرائم الحقيقية، دون المساس بحرية الرأي والتعبير. فليس من المقبول أن يُستخدم القانون لتكميم الأفواه أو ملاحقة النقد البناء، خاصة في ظل رؤية ملكية إصلاحية تؤمن بأن الكلمة الحرة قوة، وليست خطرًا.

© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير