سوريا الجديدة .. من العداء تجاه إسرائيل إلى التفاهم
السبت-2025-05-16 07:39 pm
جفرا نيوز -
الدكتور محمود عواد الدباس.
1/4
ثمة تصريحات وقرارات متتالية تشير إلى تحول سوريا الجديدة من إرث العداء مع إسرائيل نحو التفاهم معها. يمكن هنا ذكر عدد من الأمثلة في هذا الاتجاه. البداية من تصريح الشيباني، وزير خارجية سوريا، في مجلس الأمن، حينما قال: (إن سوريا لن تكون سببا في عدم الاستقرار لأي دولة، حتى إسرائيل). قناعتي أن المصلحة من ذلك الكلام هي ما جاء أيضا في كلمة الشيباني في ذات الجلسة، وهو التأكيد على (وحدة الأراضي السورية). تبع ذلك قيام الحكومة السورية بالطلب من الفصائل الفلسطينية في دمشق بتسليم أسلحتها، كما طلب من البعض الآخر منها المغادرة. ثم جاءت أخبار أخرى تتحدث عن السماح ليهود سوريا بزيارة موطنهم الأصلي. لاحقا، وفي درجة أعلى من الصراحة، قال الشرع في فرنسا، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الفرنسي ماكرون: (هنالك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل لعدم التعدي... مع ضرورة الالتزام باتفاقية العام 1974م التي تخص المساحة الجغرافية الفاصلة ما بين الطرفين).
2/4
لقد أدت كل تلك التصريحات المتتالية من الشرع أو الشيباني أو القرارات المتتالية من الحكومة السورية إلى كسر عقدة العقوبات الاقتصادية التي فرضت على سوريا. وقد تحقق ذلك في الرياض، عندما أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا. تلى ذلك، وفي اليوم التالي، اجتماع الرئيس الشرع مع الرئيس الأمريكي ترامب في السعودية. في ذلك اللقاء، كان ترامب يحمل في يده ورقتين: الورقة الأولى في يده اليمنى وهي ورقة رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا، فيما كانت يده اليسرى تحمل ورقة الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية. بالطبع، فإن قواعد اللعبة محددة، بحيث لا يمكن أخذ ورقة وترك الأخرى. أما أن تأخذهما معا، أو أن تتركهما معا. ترجمة لذلك، قيل لاحقا في الأخبار الصحفية أن الرئيس الأمريكي قد طلب من الشرع الدخول في اتفاقيات ابراهام مع إسرائيل، أسوة بعدة دول عربية سبقت في ذلك منذ العام 2020م. تجدر الإشارة هنا إلى أن الشرع قد تجاوز خلال لقائه مع ترامب مناقشة ترامب في اعتراف أمريكي بالسيادة الكاملة على الجولان السوري التي تمت في العام 2019م. في مساء ذلك اليوم، وفي استجابة غير مباشرة على المطلب الأمريكي الذي يخص توقيع سوريا الجديدة على الاتفاقيات الإبراهيمية، أكد الشرع في كلمته إلى الشعب السوري أن سوريا لن تشكل خطرا على أحد ولن تكون ساحة لاستهداف أحد، مما يعني الموافقة الضمنية على ذاك المطلب الأمريكي.
3/4
بكل تأكيد، أن ثمة أسباب متعددة ساهمت في الانفتاح الأمريكي على الإدارة السورية الجديدة، وهي تقع ضمن نوعية الأدوار الخارجية المطلوب من النظام السوري الجديد القيام بها. أولى تلك الأدوار أن سوريا الجديدة هي الحاجز الجغرافي والسياسي الذي قطع تمدد الهلال الشيعي بقيادة إيران. أما الدور الثاني لسوريا الجديدة فهو التواصل الحذر مع العراق الذي لا يزال يخضع إلى النفوذ الإيراني. أما الدور الثالث المكمل لكل ذلك فهو عدم العداء مع إسرائيل مع اليسير خطوات بسيطة نحو الاتفاق معها. مع التذكير هنا أن هنالك خدمات أمريكية سابقة قدمت إلى سوريا قبل قرار رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وهي تسهيل اتفاق أكراد سوريا مع النظام الجديد، ثم عدم الاتفاق الأمريكي مع إسرائيل التي حاولت العبث بوحدة سوريا. ثم مباركة الدعم والرعاية التركية للنظام السوري الجديد ؟.
4/4
ختاما، نتيجة لقبول النظام السوري الجديد بالأدوار الخارجية المطلوبة منه، ضمن النظام السوري الجديد الحفاظ على وحدة سوريا، ومن ثم إزالة العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليه. أما استكمال الحفاظ على هذه المكتسبات التي حققها في الأشهر الماضية أو الزيادة عليها، فهي مرتبطة باستمراره في القيام بتلك الأدوار، ثم لاحقا التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية مع إسرائيل.