جفرا نيوز -
الدكتور محمود عواد الدباس.
المتابع لمجريات الأحداث خلال الشهور الثلاثة الماضية، أي منذ عودة ترامب إلى الرئاسة الأمريكية مرة أخرى، يلمس أن ثمة تباينًا ما بين أمريكا وإسرائيل في العديد من القضايا. نعم، إن هذه التباينات لا تلغي حقيقة أن أمريكا هي الداعم الأول لإسرائيل، لكنها أيضًا تؤكد أن هنالك تحجيمًا لنفوذها ومطالبتها الكثيرة والمتكررة. السبب في هذه التباينات هو حقيقة نظرة إسرائيل إلى الولايات المتحدة الأمريكية. إسرائيل تريد احتكار أمريكا لها، تريد تسخير كل الإمكانيات الأمريكية لها، اعتمادًا على حقيقة أن أمريكا هي الدولة العظمى الوحيدة الأقرب إلى إسرائيل.
ننتقل إلى حقيقة نظرة أمريكا إلى إسرائيل. نعم، هي ملتزمة بدعمها، لكن دون السماح لها بفرض كامل رؤيتها عليها. فيما يلي العديد من الأمثلة على ذلك. ( ١- لم يتم استثناء إسرائيل من رفع الرسوم الجمركية عليها مثلما تم مع بقية دول العالم. وحينما احتجت إسرائيل على ذلك، ذكرها ترامب بقيمة الدعم السنوي الأمريكي الذي تعطيه أمريكا إلى إسرائيل. ٢- في المفاوضات السابقة المباشرة مع حماس في الشهور الماضية، تم ذلك من خلال المبعوث الأمريكي الخاص دون علم ثم دون موافقة إسرائيل.٣- في الموقف من تركيا، لم يقبل ترامب الانحياز إلى رؤية إسرائيل. ٤- في وحدة سوريا، لم يقبل ترامب سعى إسرائيل لتقسيم سوريا.٥- في المفاوضات مع إيران، لم تقبل أمريكا المطلب الإسرائيلي بالذهاب مباشرة إلى تدمير المنشآت العسكرية الإيرانية، وإنما ذهب ترامب نحو المفاوضات كخيار أول.٦- في الاتفاق مع الحوثيين، عقد ترامب اتفاقًا معهم دون شمول إسرائيل بذلك الاتفاق. ٧- في زيارته إلى الشرق الأوسط، لم تكن إسرائيل هي المحطة الأولى) . لعل كل تلك الأمثلة تؤكد حقيقة وهي أن حسابات الولايات المتحدة الأمريكية تتعدى حسابات إسرائيل.
ختامًا، مع أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الحليف الأول لإسرائيل، لكن هذا لا يصل إلى درجة أن تقوم كل الحسابات الأمريكية على المقاس الإسرائيلي. وحيث أننا كدول عربية نخشى الصدام مع إسرائيل خشية أن يتحول ذلك إلى صدام مباشر مع أمريكا، لذلك فإن النجاح في النفاذ من التباينات الأمريكية الإسرائيلية قد يساهم في القدرة على لجم إسرائيل من خلال الولايات المتحدة الأمريكية. فعل نحن فاعلون؟