اطلعت مساء أمس على البيان المقتضب الصادر عن القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين (التنظيم الدولي)، الدكتور صلاح عبد الحق. يطلب فيه عدم تجريم أي شخص يعمل على دعم المقاومة في الأردن، وفوق ذلك الإفراج عنهم. بعد قراءة البيان وتأثرًا بمنهجية تحليل المحتوى، ذهبت سريعًا نحو مقارنة كلامه مع بيان جماعة الإخوان المسلمين في الأردن. كانت اللغة هي ذاتها، وهذا شيء طبيعي. لكن الفرق هو في مساحة الكلام. هنا فيه مواربة، وهناك فيه الحرية كاملة. في خطاب الإخوان هنا، فإن ما تم هو حالات فردية، مع إضافة أنها جاءت على خلفية أحداث غزة. في بيان التنظيم الدولي، هو توجيه لمزيد من مثل هذه الأعمال. في بيان التنظيم الدولي، سؤال عن دور الجيوش. وفي بيان الإخوان، لا كلام عن ذلك. لكن هتافات المسيرات كانت ترجمة لتوجيهات المرشد العام.
ضمن المعلومات المتوفرة عن المرشد العام للجماعة في التنظيم الدولي، فهو مصري الجنسية، سجن أيام جمال عبد الناصر مع سيد قطب في العام 1965م. بعد سنوات، انتخب من إخوان مصر ممثلًا عنهم في مجلس شورى التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. وفي السنة قبل الماضية، تم انتخابه من قبل مجلس الشورى الدولي قائمًا بأعمال المرشد العام للجماعة. بكل تأكيد، أن فهم عقلية المرشد العام في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين تقودنا إلى فهم طريقة تفكير المراقب العام للجماعة في كل دولة عربية وإسلامية، حيث السمع والطاعة، ذلك أن البيعة هي أساس الدخول في التنظيم.
في اتجاه معاكس، وكان مساء البارحة كتب الوزير الأسبق محمد داودية ذو الخلفية اليسارية مقالًا حول خلية تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة. في داخل مقالته، كتب أكثر من مرة الجملة التالية: "الخلية 17". هنا كان السؤال: لماذا استخدم الرقم (17) مع أن عدد المتهمين من المجموعات الأربعة هو (16) متهم؟ يعزز هذا الاستغراب أنه هو ذاته قد استخدم الرقم (16) في مقابلة إعلامية في نهاية الأسبوع الماضي. بناءً على هذا التغيير في الرقم نحو زيادة العدد، هل توفرت له معلومات جديدة مفادها أن هناك متهمًا إضافيًا هو رقم (17) و هو المتهم الذي سيعلن عنه لاحقًا؟ أم أن الرقم (17) يقصد به جهة اعتبارية كمحرك، سواء كانت دولة أو حزبًا أو جماعة؟
في المشهد، ثمة موقف آخر يكمل الصورة. يبرز فيه النائب ناصر النواصرة. ففي فيديو مسجل قبل يومين، تم نشره على مجلة ميم، وهي مجلة إلكترونية متخصصة في مهاجمة الأردن، وهي إخوانية الاتجاه. قام النواصرة بتذكير مؤسسات الدولة السيادية، وعلى الأغلب أنه يقصد دائرة المخابرات والديوان الملكي، مع أنه لم يسمها بشكل مباشر. قال النواصرة: إنه تم تقديم شخصيات من مؤسسات سيادية إلى المحاكمة بتهم الفساد. وحيث أن ذلك التصرف يحسب على الشخص ولا يحسب على تلك المؤسسات ذاتها، فإن ذات القاعدة يجب أن تطبق على الجماعة. أي التعامل مع ما تم أنه حالات فردية وليس سحب ذلك على الجماعة والحزب، وبالتالي وقف الاستهداف الإعلامي الذي تتعرض له جماعة الإخوان وحزب جبهة العمل الإسلامي. الملاحظة هنا، وهي ملاحظة استغرابية، أن النواصرة يدافع عن دوافع شباب الجماعة المتهمين تحت عنوان دعم المقاومة، لكنه لا يدافع عن مدير مكتب كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي، الذي تم إيقافه منذ الاثنين الماضي! مع أنه يعتبر الأساس في عمل كتلة الحزب!
ختامًا، ومنذ الكشف عن خلية الصواريخ والطائرات المسيرة، فقد كان هناك ولا يزال حالة من الاستقطاب وطنيًا وعربيًا ودوليًا. كما أن تداعياتها السلبية على الجماعة والحزب مستمرة إلى الآن، وربما أنها ستبقى مستمرة، خاصة بعد تحويل ملف القضية إلى القضاء، مما يعني استبعاد إطلاق سراح المتهمين حسب طلب المرشد العام للجماعة، ومع استبعاد وقف الهجمة الإعلامية على الجماعة والحزب حسب طلب النواصرة. ليبقى السؤال: هل الرقم (17) هو متهم إضافي بصفته الشخصية، أم أن المتهم له صفة اعتبارية؟ أو أن الرقم (17) هو خطأ طباعي؟ في قادم الأيام، سنعلم الإجابة.