النسخة الكاملة

الدباس يكتب: هتافات هدامة ثم عصيان مدني

الأحد-2025-04-06 11:13 am
جفرا نيوز -
الدكتور محمود عواد الدباس

1/4
 طالعت يوم أمس دعوات تدعو إلى القيام بعصيان مدني داخل الأردن يوم غدٍ الإثنين، وهو  عصيان  مفتوح حتى يتوقف العدوان على غزة. هذا يعني أننا انتقلنا من مستوى إقامة المسيرات والمظاهرات إلى مستوى أعلى، وهو العصيان المدني. مما  يؤكد أن نظرة القائمين على الدعوة إلى الدولة الأردنية أنها  باتت تماثل نظرتهم إلى الاحتلال الإسرائيلي. حقا  إنه تطور مؤسف جدا  بكل تأكيد! .  مباشرة عادت بي الذاكرة   إلى  أجواء السبعينات من القرن الماضي، بحكم قراءاتي المتعددة منذ سنوات طوال في التاريخ السياسي الأردني. في تلك الفترة، كانت المنظمات الفدائية الفلسطينية داخل الأردن تهدد مرارًا بالذهاب إلى العصيان المدني، كما أنها نفذته في إحدى المرات، وكانت النهاية. كان الهدف وقتها من العصيان المدني هو أن تخضع الدولة الأردنية لمطالب المنظمات الفلسطينية كي تتحرك كيفما تشاء دون حسيب أو رقيب في التعامل مع إسرائيل، حتى وإن كان ذلك يضر بمصلحة الدولة الأردنية. اليوم تعاد مثل تلك الدعوات؟!"

2/4
 قديمًا، وفي السبعينات من القرن الماضي، كانت الدعوة للعصيان المدني تتم بقيادة فتح، فهي الأكثر تأثيرًا من بين كل المنظمات الفلسطينية في ذلك الوقت. فيما اليوم، فإن الدعوة تتم من خلال مناصري حماس، مع التذكير هنا أن هذه الدعوة للعصيان المدني تأتي استجابة لدعوات متكررة من حركة حماس منذ أكتوبر من العام 2023م، والتي تدعو أهالي الأردن للتحرك. عزز ذلك فتوى من الدكتور نواف التكروري، وهو رئيس رابطة علماء فلسطين، نشرت عبر فيديو مسجل على منصة إكس، يدعو من خلالها الأردنيين للتوجه نحو الحدود بل وتجاوزها. السؤال اليوم: ما هو المطلوب من الدولة الأردنية كي تقوم به تجاه غزة خاصة وفلسطين عامة أكثر من ذلك؟ كي لا تخضع لتهديد من أنصار حماس بالعصيان المدني، وهم الذين يكررون شعار أو هتاف "كل الأردن حمساوية"!. أظن أن المطلوب من الدولة الأردنية واضح: فتح جبهة جديدة. وقد ظهر ذلك عبر هتافات مساء يوم الجمعة، خاصة الهتافات التي تطالب بفتح الحدود، والتي تتساءل عن دور الجيش، وأخرى تطالب بتحرك الجيش الأردني نحو الاصطدام مع إسرائيل. وهتافات أخرى تضعنا بدون وجه حق مع غيرنا في المشاركة في الحصار على غزة! وأخرى أخطر، وهي مطالبة المتظاهرين بتزويدهم بالسلاح من أجل المشاركة في القتال، في اتجاه معاكس لمطالب أهالي غزة بوقف القتال. في هذا الباب، يجدر التذكير بالآتي: أن العقيدة القتالية للجيش الأردني هي أنه جيش دفاعي، دوره أن يقف في وجه أي محاولة توسع إسرائيلي نحو الأراضي الأردنية. وقد فعل ذلك في معركة الكرامة في العام 1968 م. أيضًا، الأردن لا يمكنه أن يدخل أي حرب مع إسرائيل إلا ضمن قرار عربي موحد. وقد فعل الملك حسين ذلك مسبقًا في العام 1967م. وفي ظني أن هذا الكلام الصريح قد جاء الوقت المناسب والحساس الذي يجب أن يسمعه الجميع وبشكل علني ومباشر، مهما كانت ردة فعلهم.

3/4
انتقل إلى الناحية العملية التي تخص  مسيرات التضامن مع غزة. فأقول إن المراقب للمشهد من أكتوبر منذ العام 2023م، يجد  أن هنالك انخفاضًا تدريجيًا في أعداد المشاركين في مسيرات التضامن مع غزة. طبعًا، ليس السبب في ذلك هو ضعف في الشعور الديني والقومي تجاه أهلنا في غزة، لكن هنالك أسباب أخرى. منها أن الخطوة الصحيحة الأولى والتي يجب أن تتم هي من داخل الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة من حيث وحدة الصف. ثم إن هناك مطالبات عربية مستمرة من حركة حماس نحو القبول بشروط محددة وقاسية، لكنها في خدمة الشعب الفلسطيني في غزة من أجل وقف هذه الإبادة. لكن حماس تتبع فكرة أخرى، وهي فكرة ضمن العقلية الجهادية للحركة، وهي المزيد من الاستقطابات وإدخال أعداد أكبر في هذا الصراع لتحقيق الهدف المحدد.

4/4
ختاما، بكل تأكيد، فإن فكرة العصيان المدني في الظرف الأردني هي فكرة هدامة كما هي الهتافات التي قيلت ، وهي استقواء على الدولة من ناحية نظرية، كما  أنها تعني الخروج على الدولة بدون مبررات مقنعة. أما عمليا وميدانيا، فإن هذه الفكرة، إن تمت، فهي بلا جمهور كبير.
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير