بعيدا عن المجاملات للتقارب السياسي، اكدت الولايات المتحدة الأمريكية من خلال برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية انها حيط التنمية المايل، الذي لا يركن او يستند الفرد او المجتمع المدني او المؤسسات الرسمية ظهرها له، هذا ليس كلامي هذا واقع ما أثبته قرار الرئيس الأمريكي عندما اعلن توقف البرنامج الكبير الذي يحمل شعار "من اموال الشعب الأمريكي" عن كافة أبواب التنمية المحلية في قطاعات واسعة، ليؤكد قراره انها اموال الحكومة الأمريكية وهو يملك توجيهها لا الشعب الذي قيل انها أمواله حسب شعار الوكالة فكان الضرر كبيرا.
وبعيدا عن شخص صاحب القرار الحالي وسياسته التي تضرب في كل اتجاه، هناك كلمة حق بحق هذا البرنامج، والذي كان في السنوات السابقة الطويلة ركنا هاما وسندا اساس حقق البناء في مشاريع ممتدة نحو كافة اطراف المملكة الأردنية الهاشمية، من مدارس لمزارع لتعاونيات لطبيعة لطاقة لصناعة لشبكة طرق لتدريب وخدمات وصحة، وقائمة لا تنتهي من أبواب التنمية المجتمعية الواسعة، الى جانب قائمة من وظائف ومصادر دخل متقدمة لعدد كبير من ابناء الوطن، فكانت مشاريعه رافعة ارتكنا اليها في بناء مستقبل التنمية المحلية، فشكرا لكل من قدم في سنوات مضت، والعتب على من لم يفكر بالبدائل محليا!.
ما أوقعنا به حيط التنمية المايل من تعطل وضرر كبير، يستوجب من الحكومة عقد جلسات ولقاءات مع كل قطاع اغلق وتوقف، ومع كل موظف انهيت خدماته بقرار من الرئيس الامريكي بالرغم انه موظف على الارض الاردنية، ويستوجب ان نسأل الحكومة هل وجدتم في ادراج الحكومات السابقة او باشرتم انتم بوضع خطط استجابة لمثل هذا اليوم؟ ام تتطلعون انها سحابة في شتاء جاف لا امطار فيها وستمضى قريبا! ام سنكتفي بمبادرات هامة وكبيرة ترفع لها القبعة كما قدمت البنوك الأردنية قبل ايام بالرغم من اثرها على ارباح المساهمين وحركة السيولة النقدية في الاسواق؟
حيط التنمية المايل هو اي "حيط" لم نضع او تشرف او نقف على أساساته ومدخلات بناءه فغاب الاستناد لدوره، وهو "حيط" كل مسؤول ووزارة وحكومة ومؤسسة وشركة وطنية تقصر وقصرت في الجاهزية والمنعة والاستجابة، هو "حيط" مهزوز هش فيه قصور وسيقع قريبا ما بقينا ننتظر المعونة والمصروف التنموي من خارج الوطن.
والرسالة الاولى الاهم هي رسالة للحكومة، وخصوصا كل من وزراء التنمية والاستثمار والتخطيط وتطوير القطاع العام، في غاية تجاوز توقف دعم "الحيط المايل"، ورسالتي هي ما المانع ان نبني ونمكن ونوسع مدارك وموارد وقرارات صندوق الملك عبدالله للتنمية، ليكون البديل الوطني للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في ادارة ملف المسؤولية الاجتماعية والتنمية محليا، هذا الملف الذي تنفق في خططه الشركات الوطنية والخاصة وخصوصا شركات التعدين والطاقة والاتصالات ملايين الدنانير في أبواب منها ما لا يتجاوز البطولات لبعض رؤوساء مجالس الادارة والمدراء التنفيذيين فيها، لتقديم انفسهم وكأنهم ينفقوا من مالهم الخاص وليس من موارد أصول أردنية، فملكوا اختيار أبواب الصرف -على قد المقاس- الخاص بهم وان لم تكن في مكانها! لعله يكون عندها صندوق الملك عبدالله للتنمية هو السند المتين، الذي يحمل شعار "من اموال واصول وهواء وموارد الأردنيين"، فيبني خطط التنمية وابواب الصرف بعد تقويته ماليا وهيكليا وشخوص ادارة وتفكير، فنكون اقرب للمنعة من التعطل الذي نشهده وليبدأ الصندوق بادرة اموال مبادرة البنوك التي اكدت انهم سند اهم من المنح الخارجية للتنمية.
واختم بذكر رسالة اخرى تستوجب الاهتمام بعد توقف برنامج الوكالة الامريكية للتنمية غير التفكير لمنعة المستقبل والخروج من عباءة اموال الشعب الأمريكي، لعلها رسالة تكون فرصة هي الاهم لكل شركات ومؤسسات واصحاب قرار اختيار القيادات العليا في مؤسسات الوطن، مفادها ضرورة استقطاب من انتهت خدماتهم قصرا من برامج الوكالة، ففيهم من الكفاءة والمهارة والفكر والإدارة والقيمة من هو قادر على ان يدير اكبر مؤسسات الوطن وصناديق التنمية بنجاح، امثال عمر حزينه وأردنيون كثر، يمكنهم ان يحلوا مكان مدراء مؤسسات كبرى اكل الدهر عليهم وشرب بقدر ما كرروا انفسهم ومبادراتهم وأسلوب ادارتهم للتنمية سياحيا وصحيا وبيئيا واقتصاديا وحتى اخر القائمة.