النسخة الكاملة

مرسي.. مسار سياسي واحد وعلى مصر السمع والطاعة

الإثنين-2012-12-03 09:32 am
جفرا نيوز -


جفرا نيوز - نصوح المجالي

اختار الرئيس مرسي الهروب للامام للخروج من المأزق الذي وجد نفسه فيه بعد صدور المرسوم الدستوري الذي احدث ازمة في الشارع المصري. وبدل توسيع اللجنة الدستورية لتمثل كافة الاطياف السياسية والاجتماعية, اغلقها على ما تبقى فيها من الاخوان ودعا اللجنة لتسريع اعمالها وبدون أي التفات لمطالب المعارضة المصرية, تسلم نسخة الدستور ودعا الى استفتاء شعبي حول الدستور الجديد.
واكتفى بالقول «أنا أرى اشياء لا ترونها تماماً كما قال فرعون من قبل, ما اريكم الا ما ارى, وما اهديكم الا الى طريق الرشاد».
من الواضح ان الجماعة قائمة على السمع والطاعة والرئيس يصدع لرأي الجماعة وليس لرأي الشعب مع انه منتخب من الشعب ويرى أن رأيه رأي الشعب ما دام منتخباً فهو ليس بحاجة لتغيير رأيه, اذا احتج نصف الشعب اذ يكفيه النصف الاخر, فالجماعة لا تنتج حواراً الا ما يدور في كواليسها, حيث لا مجال لتنوع الاراء ومن يختلف معها من داخلها ينشق والامثلة كثيرة ومن يختلف معها في الشارع ولو كان نصف الشعب كما في حالة مصر يعتبر ايضاً منشقاً لا يلتفت اليه مهما كانت مطالبه مشروعة.
فالشعب المصري بدا في خطاب الرئيس مرسي لانصاره يوم اعلان المرسوم الدستوري فلول وغير فلول والمعارضون مثل البرادعي وعمرو موسى وصباحين واحزاب المعارضة رؤوس الفلول واطراف المؤامرة, ماذا تغيّر إذن في الخطاب السياسي المصري بعد مبارك, غير الوعيد والوعود وتجاهل الواقع.
كنا نود لمصر العزيزة ان تكون كما كانت دائماً قاطرة الامة نحو النهضة، ومركز الثقل في البناء والتقدم، وفي الدفاع عن حقوق الأمة ووجودها، وان تعيد ثقل الامة في الساحة الدولية، بدءاً من توحيد ساحة الامة واستعادة دورها في افريقيا ومروراً بشد اواصر الاقليم العربي كنا نريدها نموذجاً للسلم الداخلي القائم على الديمقراطية والحوار وحشد طاقات الشعب المصري لمواجهة المصاعب التي اقعدت الشعب المصري عن دوره طويلاً.
لكن الثورة المصرية، ارتكست، مع نهج الاستحواذ على السلطة وتهميش القوى الاخرى ومع السيطرة على المؤسسات الواحدة تلو الاخرى، واخرها اتهام القضاء وعزله عن دوره حتى يتم تمرير دستور يتوافق مع تطلعات الاخوان واجتهادهم ورؤيتهم السياسية في الحياة المصرية، لتصبح عقيدتهم السياسية هي المرجع الدستوري الذي يعاقب من يحيد عنه.
هكذا يصنع الاستبداد، والاستبداد ملة واحدة مهما كانت دعواه، اذا كان يصادر حرية الرأي ويستحوذ على وسائل الاعلام ويهمش الاطياف السياسية المعارضة، ولا يقبل غير السمع والطاعة حيث لا اجتهاد ولا رأي الا الرأي الذي يُسقط من علي، حيث المرشد الاعلى.
لا نعرف، اذا كان الرئيس المصري الذي تبنى لجنة دستورية، اصبحت مكونة فقط من الاخوان المسلمين والسلفيين بعد ما طرأ عليها من انسحابات، هل وجد حلاً للأزمة المصرية، ام اضاف اليها ازمة ومأزقاً آخر.
فالرئيس المصري حتى يخرج من مأزق المرسوم الدستوري، أدخل نفسه وبلاده الى مأزق الطعن في الدستور الجديد، واقتصاره على رؤية جماعة واحدة؛ وبدل ان يعالج الانقسام بالحوار وتوسيع دائرة المشاركة، عالجه بالاصرار على تجاهل الازمة واسبابها ومواجهة احتمالات تأزيم الحالة السياسية وتعميق الانقسام في الشارع المصري.
عزل مبارك لم ينهِ الثورة، ولم يحقق اهداف الثورة كاملة، بل غيّر وجهتها فالانتفاضة الشعبية ضد الاخوان والتي طالت مواقفهم ورموزهم ومقراتهم، ليس فقط في مصر وانما في تونس، تضعهم في مكان مبارك، وبن علي، وامثالهم من المستبدين بالسلطة، اذا لم يتداركوا فالتكليف الشعبي الذي يأتي من صناديق الاقتراع ليس تكليفا إلهيا لا رجعة فيه، والاصرار على فرض شروطهم ونموذجهم في الحكم وتطويعه لاغراض جماعتهم في كل ساحة يتواجدون فيها، قد يكون عدوهم الحقيقي، اذا لم يتداركوا امرهم بالاعتدال، والمشاركة؛ والخروج من اوهام استعادة الخلافة، وفرضها على العالم الاسلامي بشروط الجماعة واجتهاداتها.
الله «هو سمّاكم المسلمين من قبل»، لم يسمي المسلمين حركة ولم يسميهم جماعة اخرى ولا حزباً, الحق مرتبط بالايمان وبالدين وقيمه ولا يختلف الناس فيه اما السياسة فمرتبطة بالحقيقة المعاشة وفيها اختلاف شديد في وجهات النظر والاجتهاد والاراء، فلا نجعل الحق حقيقة دنيوية نختلف فيها، ولا نجعل الحقيقة المتغيرة حقا نقدسه رغم ما فيها من اختلاف الهدي, هدي الله، نسأله ان يجمعنا على ما يصلح حالنا وامتنا ودولنا بدون مغالبة او استحواذ.

 
© جميع الحقوق محفوظة لوكالة جفرا نيوز 2024
تصميم و تطوير